فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «ما قلت له»؟
قالت : قلت له : كذا وكذا.
قال : «ليس بأحق بي منكم ، له ولأصحابه هجرة واحدة ، ولكم أنتم ـ أهل السفينة ـ هجرتان».
قالت : فلقد رأيت أبا موسى وأصحابه يأتوني أرسالا يسألوني عن هذا الحديث ، ما من الدنيا شيء هم أفرح ، ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله».
قال أبو بريدة : قالت أسماء : ولقد رأيت أبا موسى ، وإنه ليستعيد هذا الحديث مني ، وقال : لكم الهجرة مرتين (١).
ونقول :
١ ـ مما لا شك فيه : أن عمر بن الخطاب كان يعلم بأن الذين هاجروا إلى الحبشة ، قد تركوا أوطانهم ، وأهليهم ، وأموالهم ، وأحباءهم وهاجروا إلى الله تعالى فرارا بدينهم ، إلى بلاد الغربة ، حيث لا يعلمون ما سوف يواجههم فيها من مصائب وبلايا ، ونكبات ورزايا ..
وكان يعلم أيضا : أنهم لم يعودوا إلى بلادهم ، وأوطانهم ، وبيوتهم ،
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣٦ ودلائل النبوة ج ٤ ص ٢٤٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٠٦ وراجع : ص ٢٠٥ عن البخاري ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٨ و ٤٩ وراجع : الأوائل ج ١ ص ٣١٤ وصحيح البخاري (ط سنة ١٣٠٩ ه) ج ٣ ص ٣٥ وصحيح مسلم ج ٧ ص ١٧٢ وكنز العمال ج ٢٢ ص ٢٠٦ عن أبي نعيم ، والطيالسي ، وفتح الباري ج ٧ ص ٣٧٢ ومسند أحمد ج ٤ ص ٣٩٥ و ٤١٢ وحياة الصحابة ج ١ ص ٣٦١.