إحداهما أصوات الدفوف ، والطبول والمزامير.
وإذا كانت الحملة للروم ارتفع من الأخرى مثل ذلك ..
وكانت الأولى بنت جبلة بن الأيهم ، والثانية بنت ملك الروم ، فكانت كل واحدة منهما تظهر السرور بما تفعله عشيرتها (١).
ومن الواضح : أن كلمة «عشيرتها» غير دقيقة ، لأن حمية الدين هي الأقوى ، فلو كانت بنت جبلة تدين بالنصرانية ، فلا يتوقع منها هذا الفرح بانتصار من هم على غير دينها. ومجرد كونهم من عشيرتها لا يبرر ذلك منها.
فلعلها كانت تتظاهر بالعصبية العشائرية للتستر على الدافع الحقيقي لهذا الفرح ، وهو أنها تبطن الحب للإسلام ، والولاء لأهله ..
جبلة يعطي الزكاة لا الجزية :
وذكر اليعقوبي : أنه لما أتى عمر بن الخطاب إلى بيت المقدس ، وعاد منها قاصدا المدينة : «أتاه جبلة بن الأيهم ، فقال له : تأخذ مني الصدقة ، كما تصنع بالعرب.
قال : بل الجزية ، وإلا فالحق بمن هو على دينك.
فخرج في ثلاثين ألفا من قومه حتى لحقوا بأرض الروم. وندم عمر على ما كان منه في أمره» (٢).
ونقول :
إن هذا النص يستحق الدراسة لفهم مرماه ، ومغزاه ، فإذا كان جبلة قد
__________________
(١) الأغاني (ط دار الكتب العلمية) ج ١٧ ص ٢١٢.
(٢) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٤٧ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ١ ص ١٨٣.