ب : وإن أرادوه أن يجعل لهم ذمة الله وذمة رسوله ، فلا يقبل منهم ، بل يجعل لهم ذمته ، وذمة أبيه ، وذمة أصحابه ..
فهذا المخطط التام إنما يناسب جيشا واثقا بالنصر ، مطمئنا إلى أنه يذهب إلى فتح المدن والحصون ، وتكون يده العليا في حروبه مع أعدائه ..
مع أن ظاهر الأمر : أنه يرسله إلى حرب مائتي ألف ، أو إلى مائتين وخمسين ألف مقاتل ، مجهزين بأتم عدة ، في جيش لا يزيد على ثلاثة آلاف ، مع ضعف ظاهر في تجهيزاتهم ، وعدّتهم.
وهذه الوصايا تدل على عدم صحة ما ذكره البعض : من أن المطلوب من جيش مؤتة كله هو الاستشهاد ، بل المطلوب هو إنجاز أمر عظيم وهائل ، وهو النصر على جيوش الروم رغم كثرة عددها ، وحسن عدتها ، حتى لو كانت قيمة هذا النصر هو استشهاد القادة.
ولكن ما صنعه خالد : قد أفسد ما كان دبره رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فثارت ثائرة المسلمين ، حيث واجهوا الجيش العائد مع خالد بالطرد ، والنبذ ، والمقاطعة كما سنرى.
سرية دعوة ، أم سرية حرب؟
وذكرت الروايات المتقدمة : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد أوصى القادة بأن يأتوا مقتل الحارث بن عمير ، وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام ، فإن أجابوا ، وإلا فاستعينوا عليهم بالله تبارك وتعالى ، وقاتلوهم.
ونقول :
إن هذه الوصية لا بد أن تكون جارية وفق المسار العام للأحداث ،