ظهور الوهن في المهاجرين :
وبمجرد أن عرفت قريش بمسير النبي «صلىاللهعليهوآله» بدأت شائعاتها تلاحق المسلمين ، فقد ذكروا : أنه لما نزل النبي «صلىاللهعليهوآله» مرّ الظهران في عمرته ، بلغ أصحابه : أن قريشا تقول : ما يتباعثون من العجف.
فقال أصحابه : لو انتحرنا من ظهرنا ، فأكلنا من لحمه ، وحسونا من مرقه ، أصبحنا غدا حين ندخل على القوم وبنا جمامة.
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : لا تفعلوا ، ولكن اجمعوا إلي من أزوادكم.
فجمعوا له ، وبسطوا الأنطاع ، فأكلوا حتى تركوا ، وحشى كل واحد منهم في جرابه (١).
وقد تقدم : أن جمعا من المشركين حين نظروا إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» وأصحابه ، وهم يطوفون ، لفت نظرهم المهاجرون دون غيرهم ، رغم اختلاط الناس بعضهم ببعض ، ورغم قلة عدد المهاجرين بالقياس إلى ذلك العدد الكبير من غيرهم ، فقالوا : إن المهاجرين أوهنتهم حمى يثرب.
ويبقى هنا أمامنا سؤالان :
السؤال الأول هو : لماذا نسبوا ما يلاحظونه من تعب ووهن في المهاجرين إلى الحمى ، ولا ينسبونه إلى تعب السفر ومشقاته؟!
__________________
(١) مسند أحمد ج ١ ص ٢٠٥ ومجمع الزوائد ج ٣ ص ٢٨٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٣١ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٩١ وج ٩ ص ٤٨٥ وتفسير القرآن العظيم ج ٤ ص ٢١٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٣٧.