وقد كان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يغمض النظر عما يرتكبه أصحابه عن جهل ، ونحوه ، مما يمكن أن يعتبر شبهة تدرؤ عنهم العقوبة.
ويتأكد وجود الشبهة التي تدرؤ الحد ، بادعاء جبلة : أن الفزاري قد تعمد أن يطأ إزاره (١). وأن يكشف عورته.
وأن ذلك الفزاري لطم جبلة أيضا ..
وأن الذين ضربوا الفزاري هم الناس الذين كانوا مع جبلة نفسه.
وإذا صح : أن الفزاري لطم جبلة مقابل لطمته له ، وكذا إذا كانت الرواية الأخيرة هي الصحيحة ، فذلك يؤكد على أنه كان ينبغي الرفق به في مقام تعريفه بالأحكام ، والمبادرة إلى تطييب خاطره ، والتأني في بيان الأمر له ..
ملاحظة للسيد شرف الدين رحمهالله :
وقد سجل العلامة العلم السيد عبد الحسين شرف الدين «رحمهالله» ملاحظة على صنيع عمر بجبلة بن الأيهم ، مفادها مع مزيد من التوضيح والتأييد : أن عمر بن الخطاب أراد أن يسوم عز جبلة الخسف ، وأن يجدع منه الأنف ، بعد أن وفد عليه بأبهة الملوك ، وجلال السلطان.
ونحن نزيد في توضيح هذا الأمر ، كما يلي :
يقولون : إن جبلة كان قد كتب إلى عمر يعلمه بإسلامه ، ويستأذنه في الوفود عليه ، فكتب إليه عمر : أن أقدم ، فلك ما لنا ، وعليك ما علينا.
فقدم في خمس مائة فارس من عدد جفنة (وقيل : بألف فارس) ، فلما دنا
__________________
(١) الأغاني (ط دار إحياء التراث العربي) ج ١٥ ص ١٦٢.