فأثر ذلك في نفسه ، وصار يتعامل مع الأمور على هذا الأساس.
لكن ما يدعو إلى التأمل : أننا لا نجد لدى زيد وجعفر أية تصريحات ، أو تصرفات تشير إلى أنهم كانوا يعيشون حالة استثنائية ـ كما كان الحال بالنسبة لعبد الله بن رواحة!!
ولا نستطيع أن نصدق أنفسنا إذا أردنا أن نعزو ذلك إلى عدم معرفتهما بما كان يعرفه ابن رواحة ، فهما قد سمعا ما سمع ، ورأيا ما رأى ، ولا نظن أنه «صلىاللهعليهوآله» قد اختصه بسرّ ذلك دونهما.
لكن يمكننا القول بأنهما كانا أقوى منه ، على مواجهة هذا الأمر ، وأنفذ بصيرة منه فيه ، وأثبت جأشا ، وأكثر تأنيا وتقبلا له ، وأصبر عليه.
ولعل هذا يفسر لنا ما روي : من أن النبي «صلىاللهعليهوآله» رأى في سرير ابن رواحة ازورارا ، وصدودا ، بل سيأتي أنه رأى ذلك في سرير زيد أيضا.
وعلى كل حال ، فإن لكل واحد منهما ـ يعني زيدا وابن رواحة ـ مقامه ومرتبته ، وكان مقام جعفر أعلى وأسمى ، ولذلك كان سريره بلا عيب ، لأنه استقبل الموت حين استشهاده ، بكل سكينة ورضا وطمأنينة .. والله هو العالم بالسرائر ، والمطلع على الدخائل والضمائر.
ليس إلا المعايير الإلهية :
وقد أظهرت قضية تخلف ابن رواحة للفوز بصلاة الجماعة مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» خطأه في تقديراته للأمور ، وأن ثمة معايير إلهية ، وتقديرات ربانية لمعنى القيمة تختلف كثيرا عما يعرفه الناس ويفهمونه ، أو