فقل عما يتوهمونه ..
فقد أظهرت هذه القضية حقيقة : أن غزوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ، وأنه لو أنفق ابن رواحة ما في الأرض جميعا ، ما أدرك غدوة أصحابه إلى الجهاد في سبيله تعالى ، مع أن ما فعله لم يكن فيه إنفاق لشيء من المال ، ولا تخلى عن أمر دنيوي ، وإنما تخلف ليفوز بثواب الصلاة جماعة مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ..
فما معنى أن يذكر إنفاق ما في الأرض جميعا؟!
كما أنه «رحمهالله» لم يتخلف عن الغدوة والروحة في سبيل الله عزوجل ، بل هو عازم على هذا الأمر بمجرد انتهاء صلاته .. فلماذا إذن يوجه إليه النبي «صلىاللهعليهوآله» هذا التحذير ، أو هذا التوجيه الناقد ..
فلماذا ذكر النبي «صلىاللهعليهوآله» ذلك أيضا؟!
فهل يريد أن يقول له : إن مجرد تأخره عن أصحابه ، وغدوهم للجهاد قبله ، يجعل ثوابهم أعظم من ثوابه ، وأن الصلاة معه «صلىاللهعليهوآله» لا تجبر مافاته من ثواب المبادرة إلى المسير؟!
أم أنه يريد أن يقول له : إن ما فعله قد يشجع الآخرين على فعل مثله ، وذلك يوجب انفلات الزمام ، وتشويش الأمر على القيادة؟!
بل إن نفس فقد الناس له في غدوهم ، فلا يجدونه معهم ـ وهو أحد قادتهم ـ سوف يحدث بلبلة ، وترددا وتشويشا لديهم ..
فأراد «صلىاللهعليهوآله» أن يقول له بالإضافة إلى ذلك كله : إن ما فاته من الثواب لا يمكن تعويضه ، ولو بإنفاق جميع ما في الدنيا ، وأن يبادر إلى تصحيح نظرته للأمور ، وأن يأخذ معايير المثوبة والعقوبة من مصادرها