تراه «صلىاللهعليهوآله» يبالغ في إعطاء التطمينات بأنه لا يريد حربا ولا قتالا في مسيره ذاك ، فهو يقلّد الهدي ليعلم أنه هدي ، فيكفّ الناس عنه ..
ولكنه «صلىاللهعليهوآله» لا يخرج نفسه عن دائرة الحذر والاحتياط ، فيجعل السلاح قريبا منه ، تحسبا لأي طارئ ، حتى إنه لما دخل مكة جعل السلاح في بطن يأجج ، وهو موضع قريب من الحرم ، وجعل لحراسته أوس بن خولي في مائتي رجل ، ليمنع بذلك أهل الخيانة والغدر ، من التفكير بالغدر ، أو افتعال أي ذريعة للخيانة.
قصور النظر لدى بعض المسلمين :
وقد أظهر بعض المسلمين قصور نظر ، أو سوء نية حين تظاهر بالاستغراب من أمر السلاح ، وقال لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» : يا رسول الله ، أحملت السلاح ، وقد شرطوا علينا ألا ندخل عليهم إلا بسلاح المسافر ؛ السيوف في القرب؟!
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : إنا لا ندخلها عليهم الحرم ، ولكن تكون قريبا منا ؛ فإن هاجنا هيج من القوم كان السلاح قريبا منا ..
فقال له ذلك الرجل : يا رسول الله ، تخاف قريشا على ذلك؟!
فأسكت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وقدم البدن (١).
ونحن لا نستطيع أن نسكت على هذا التعبير القبيح والوقح ، وهو
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٣٣ وراجع : السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٧٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٩٠ عن الواقدي.