التبرع ، والمبادرة الشخصية ..
على أننا لا نستبعد أن يكون المقصود : هو التبجح بأمر لم يحصل منه إلا اليسير ، إذ لا مانع من أن يبادر شخص فيسوق الهدي ولو لدقائق ، لكي يقول للناس : لقد سقت الهدي ، وليثبت لنفسه شرفا وكرامة ، مهما كان ذلك ضئيلا ، وغير ذي بال!!
شعر ابن رواحة :
وعن شعر عبد الله بن رواحة «رحمهالله» نقول :
إن لنا تحفظا على قوله : «نحن ضربناكم على تأويله» ، لأن قريشا وأهل مكة لم يسلموا بعد ، ولم يقروا بالتنزيل ، ولم يتأولوا القرآن على خلاف ما أنزل الله تعالى ، ولم يقاتلهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» على تأويله ..
وإنما حاربهم علي «عليهالسلام» على تأويله بعد استشهاده «صلىاللهعليهوآله» ..
ولأجل ذلك قال ابن هشام : «نحن قتلناكم على تأويله» ، إلى آخر الأبيات ، لعمار بن ياسر في غير هذا اليوم ، قال السهيلي : يعني يوم صفين (١).
إلا أن يقال : إن عبد الله بن رواحة كان قد سمع من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن عليا «عليهالسلام» سوف يقاتل هؤلاء القوم على تأويل القرآن ، كما قاتلهم على تنزيله ، فأورده في شعره ، على سبيل تنزيل الأمر الذي لم يحصل بعد منزلة الحاصل ، فأخبر عنه بواسطة الفعل الماضي.
__________________
(١) راجع : السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨٢٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٩٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٣١.