النبوية ، وتحذيرا وإنذارا لمن تحدثه نفسه بأن يتأسى بهم ، وتحتم عليه أن يقلع عما عقد العزم عليه ، فإن فيه فضيحة لا يرضاها أهل الكرامة ، وخزي يأباه أهل الحفاظ.
تقليد الهدي ، وحمل السلاح :
والظاهر هو : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» كان يريد دخول مكة من خلال تحطيم عنفوان الشرك ، وإسقاط مقاومته من الداخل. أي أنه يريد أن يهزم المشركين نفسيا ، من خلال تكوين قناعة لديهم بعدم جدوى مقاومتهم لهذا الدين ، والإدراك عمليا بأن حصاد هذه المقاومة لن يكون سوى الدمار والبوار ، والمزيد من الخيبات المريرة والمخزية لهم ، ليتوصل «صلىاللهعليهوآله» ـ من خلال إذكاء هذا الشعور فيهم ـ إلى إخراج مكة والبيت العتيق من أسرهم ، من دون أن تراق فيه محجمة من دم ، صيانة منه «صلىاللهعليهوآله» لحرمة الحرم ، وحفاظا على مكانة البيت وموقعه وحفظا له من أن يتجرأ عليه أحد ، عبر الأحقاب والدهور ..
فلأجل ذلك ترى : أنه في نفس الوقت الذي يجهز فيه أمة كبيرة من الناس لدخول مكة للاعتمار ، ويستصحب معه الخيل والسلاح ، والدروع والرماح ، ويقود معه مائة فرس ، ويقدمها هي والسلاح أمامه ، حين بلغ ذا الحليفة (١).
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٣٣ وراجع : السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٧٧٩ والبحار ج ٢١ ص ٤٦ ومرقاة الجنان ج ٧ ص ٦٤٦ وعن تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣١٠ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٢١ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٩٠.