التآمر .. والاستعداد :
صرحت النصوص المتقدمة : بأن سبب إرسال هذه السرية هو : أن الغطفانيين قد جمعوا ، وتآمروا ، واجتمعوا مع جماعات أخرى ، ليزحفوا إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» ، أو إلى بعض أطرافه ، فكان لا بد من تسديد ضربة استباقية لهم ، تفل جمعهم ، وتبطل كيدهم.
ولا يصح الانتظار إلى أن يأتوا هم لغزو البلد ، وهتك حرمته ، وكسر هيبته ، ولا يجوز في منطق الحرب أن تعطى للعدو الفرصة لاختيار الزمان ، والمكان ، والخطة الحربية ، وطريقة القتال ، وأساليبه ووسائله.
بل لابد من استلاب الفرصة من يده ، وإرباكه ، وإشعاره بأنه لن يكون آمنا ، لا في الزمان ، ولا في المكان ، ولن يكون قادرا على اختيار الإقدام أو الإحجام ، ولا بد من زعزة ثقته بالوسائل التي يملكها ، وبالخطط التي يضعها ، وبالتحالفات التي يعقدها ، ويعتمد عليها.
وهذا ما حصل للغطفانيين بالفعل ، فإنّ شن الغارة عليهم ، وبعثرة جمعهم ، قد حقق النتائج الباهرة ، سواء بالنسبة إليهم ، أم بالنسبة لعيينة بن حصن ، الذي أراد الاعتضاد بهم في مواجهة أهل الإسلام ..
مشورة العمرين :
وأما ما ذكرته الرواية المتقدمة : من أنه «صلىاللهعليهوآله» دعا أبا بكر وعمر ، وذكر لهما ذلك ، فقالا جميعا : ابعث بشير بن سعد ..
فلا نستطيع أن نؤيده بصورة حاسمة ، إذ لم يكن هناك داع للاستشارة في أصل إرسال السرية ، لأن المصلحة كانت ظاهرة في هذا الأمر ، وهي