فلا فائدة من التآمر ، ولا جدوى من خيانة العهود ، إلا المزيد من المآسي والرزايا ، والنكبات والبلايا.
رعب قريش وحيرتها :
وبالعودة إلى موضوع تقديم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» الخيل أمامه ، حتى بلغت مر الظهران ، فرأى أولئك النفر من قريش ـ أو الذين كانوا هناك ـ خيلا كثيرة ، وسلاحا وفيرا .. فطاروا بالخبر إلى قريش ، التي فزعت من ذلك ، وتحيرت ، وظنت أن ثمة غزوا لها من قبله «صلىاللهعليهوآله» ..
إننا بالعودة إلى ذلك نقول :
لقد كان هذا التصور هو ما يريده النبي «صلىاللهعليهوآله» ؛ لأن ذلك يعني : أن هذه المفاجأة قد أثمرت ما يلي :
أولا : وضع قريش على محك المفاجآت لتقترب من التفكير بموضوعية وواقعية ، فلا تستسلم لخيالاتها وأوهامها ، التي قد توحي لها بأن الأمور تسير على وتيرة واحدة ، أو تتوهم أن من الممكن أن تعرض للنبي «صلىاللهعليهوآله» والمسلمين غفلة ، تستطيع الاستفادة منها ، في تسديد ضربتها الغادرة.
فإن شعورها ذاك ، وتوهمها هذا ، يثير فيها الرغبة الجامحة إلى أن تخطط ، وتدبر ، وتتآمر .. على أمل أن تنجح بتغيير المعادلة ، إذا أصابت غرة من عدوها الغافل عما دبرته له ، وكادته به.
ولكنها إذا عرفت : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» يفكر في كل اتجاه ، ويلاحق كل صغيرة وكبيرة ، فسوف لا تجرؤ على الدخول في مغامرة خطيرة من هذا القبيل.