ثانيا : إن هذه المفاجأة التي حيّرت قريشا ، دفعتها إلى الاعتراف لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» بأنه ما عرف بالغدر صغيرا ، ولا كبيرا ، بل كان البر الوفي في جميع أحواله وشؤونه.
ولا بد أن تكون قد استحضرت في مقابل ذلك ما كان منها طيلة عشرين سنة تجاهه «صلىاللهعليهوآله» والمسلمين ، من ظلم وغدر ، وقطيعة رحم ، وأذى.
كما أن لهذا الاعتراف أهميته البالغة ، في فضح حقيقتها ، وتعريف الناس بمدى شناعة وقباحة فعلها ، فيما مضى ، ثم فيما يأتي ، حيث إنها سوف تغدر به ، بعد أقل من سنة من هذا التاريخ ، وتضطره إلى دخول مكة على غير هذه الصورة ، وهو ما عرف بفتح مكة.
ثالثا : كانت قريش تعلم : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» والمسلمين حققوا أعظم الانتصارات وأجلها في المنطقة بأسرها ، سواء على المشركين ، أم على اليهود ، ولا بد أن تتوقع منه التفكير فيما هو أبعد من ذلك.
فقد هالها أن تراه يفكر ويبادر إلى نشر هذا الدين فعلا في أرض الحبشة ، وكان النصر حليفه في ذلك ، وها هي تراه قد أرسل إلى جبابرة الأرض يطالبهم بالاستجابة لأمر الله تعالى ، والإيمان بنبوته.
هذا ، على رغم أن أعداد أنصاره كانت لا تزال قليلة ، وعدّتهم ضئيلة .. فكيف وقد تضاعف العدد ، وقويت العدة ، وأصبح المسلمون أسياد المنطقة بأسرها. وصار الكل يرهب جانبهم ، ويطمح إلى إنشاء علاقات طبيعية معهم؟!
رابعا : إذا ظهر أن هؤلاء الأقوياء لم تسلمهم قوتهم المتنامية ، ولا كثرة