من أقام بأرضه ، ولم يهاجر منها ـ إذا كان لا يسكن مكة ـ مثل ما أعطى للمهاجر الذي ترك أرضه ، ووطنه ، وماله ، وقومه ، وعشيرته ، وأقاربه!!
أي أنه جعل عدم سكنى مكة ، والبقاء في الأرض بمنزلة الهجرة ، من حيث الثواب ، ومن حيث إن سائر الامتيازات التي تعطى للمهاجر ، تعطى لهذا المقيم!!
الحلم والتأني :
ثم هو «صلىاللهعليهوآله» يعيد التنصيص على التزامه بعهده معهم ، ويؤكد لهم الأمان من قبله ، وأنه لا يخون عهدهم ، ثم هو يعدهم بأن لا يسرع في مجازاتهم بالسوء ، لو صدر منهم ما يوجب ذلك ، بل سيعاملهم بالحلم والتأني ، ولذلك قال لهم : إني لم أضع فيكم (أي لم أسرع) إذ سالمت ، وأنكم غير خائفين من قبلي ، ولا محصورين (أو لا مخفورين) ..
وبذلك يكون «صلىاللهعليهوآله» قد بلغ الغاية ، وأوفى على النهاية في حسن تعامله مع حلفائه. وأعطاهم ما لم يعطه حتى لنفسه ، ولا صرح بأنه أعطاه لمن معه من الأصحاب ، ومن الأهل والعشيرة ..
سرية غالب بن عبد الله إلى الكديد :
وفي شهر صفر سنة ثمان بعث «صلىاللهعليهوآله» غالب بن عبد الله الليثي في سرية ، تتألف من بضعة عشر رجلا ، للإغارة على بني الملوح بالكديد. فلما وصلوا إلى قديد لقيهم الحارث بن مالك بن البرصاء ، فأخذوه ، فقال : إنما جئت أريد الإسلام.
فقالوا : لا يضرك رباط ليلة إن كنت تريد الإسلام ، وإن يكن غير ذلك