والظاهر هو : أن المقصود بهذه الصيغة ؛ التخفيف من حدة النقد الذي ربما يوجه إلى أسامة على فعلته هذه ..
لا أقتل أحدا يقول : لا إله إلا الله :
قال الحلبي : «ومن ثم لم يشهد أسامة رضياللهعنه مع علي كرم الله وجهه قتالا ، وقال له : لو أدخلت يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها.
أو قال : لو كنت في فم الأسد لدخلت فيه معك. ولكنك قد سمعت ما قال لي رسول الله «صلىاللهعليهوآله» حين قتلت ذلك الرجل ، الذي شهد أن لا إله إلا الله. وقلت له : أعطي الله عهدا : أن لا أقتل رجلا يقول : لا إله إلا الله».
وإذا كان أسامة بن زيد قد تعهد بأن لا يقتل أحدا يقول : لا إله إلا الله (١) ، فذلك لا يبرر تخلّفه عن نصرة النبي «صلىاللهعليهوآله» والإمام علي «عليهالسلام» ، حين يقاتل البغاة عليه ، ولا يبرر مخالفته لأمره ، إذا أمره بالخروج لحربهم.
وليس له الاعتذار : بأنه قد تعهد بأن لا يقتل مسلما ، إذ إنما يصح له أن يتعهد بما يرجع أمره إليه ، ويكون باقتراح ومبادرة منه. أما إذا كان الله تعالى هو الآمر له ـ باعتبار أنه أمره بطاعة نبيه وإمامه ـ فإنه يصبح أمام أحد خيارين : إما الطاعة الموجبة للمثوبة الإلهية ، وإما المعصية المؤدية إلى الهلاك والعقوبة في نار جهنم.
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٢٥ والجمل ص ٤٥. وراجع : الأمالي للطوسي ص ٧١٦ والبحار ج ٢٨ ص ١٥٣ وج ٣٢ ص ٧٠ وراجع الغارات ج ٢ ص ٥٧٧.