ولاية عليه لأحد سواه ..
إنهم يطالبونه بذلك ، بفظاظة ظاهرة ، وبعنجهية وافرة ، ويريدون بذلك حفظ ثمرات ظلمهم ، وبغيهم على الحق وأهله ، مع مزيد من الرغبة في الإمعان في الكيد ، والتنفيس عن مراجل الحقد ، الذي يغلي في أعماق نفوسهم ..
وهذا بالذات هو ما أغاض سعد بن عبادة ، فانبرى لهم ، يفند مزاعمهم ، بحمية ، وأنفة وكبرياء ، بعد أن طفح الكيل ، وبلغ السيل الزبى ..
لا تؤذ قوما زارونا في رحالنا :
ويبادر النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى معالجة الموقف بمنطق يدينهم ، ويلحق بهم المزيد من الخزي والعار ، ويرسخ المرارة ، ويعمق الألم في نفوسهم ، من حيث إنه منطق يخضعون له ، ويلزمون أنفسهم به .. وإنما على نفسها جنت براقش ..
ويطلق «صلىاللهعليهوآله» كلمته التي قد تبدو عابرة بحسب الظاهر ، ولكنها أمضى من السيف ، وأنفذ من السهم في قلوب أهل الطغيان ، حيث قال «صلىاللهعليهوآله» : يا سعد ، لا تؤذ قوما زارونا في رحالنا.
وأسكت الرجلان عن سعد!!
وكيف لا يسكتان عنه ، وقد ألقمهما النبي الكريم والحليم «صلىاللهعليهوآله» حجرا؟! وألزمهما عارا لا يزول ، وشنارا لا يمحى؟! حيث تعامل معهم بالخلق الرفيع ، وبمنطق الشمم ، والإباء ، والترفع عن مقابلة الإساءة بما يوجبه منطق المقابلة بالمثل ، فهو «صلىاللهعليهوآله» ولمجرد مجيئهما إلى رحله ليس فقط يتجاوز عن إساءتهما ، بل هو يعطيهما بذلك