من المدينة ألبسهم الوشي المنسوج بالذهب ، والحرير الأصفر ، وجلل الخيل بجلال الديباج ، وطوّقها بالذهب والفضة ، ولبس جبلة تاجه ، وفيه قرطا مارية ـ وهي جدته ـ فلم يبق في المدينة أحد إلا خرج للقائه ، وفرح المسلمون بقدومه وإسلامه.
ثم حضر الموسم من عامه ذلك. فبينما هو يطوف إذ وطئ رجل فزاري الخ .. (١).
وقال في نص آخر ذكره أبو الفرج : «ودخل المدينة ، فلم يبق بها بكر ولا عانس إلا تبرجت ، وخرجت تنظر إليه ، وإلى زيه. فلما انتهى إلى عمر رحب به ، وألطفه ، وأدنى مجلسه.
ثم أراد عمر الحج ، فخرج معه جبلة ، فبينما هو يطوف بالبيت ، وكان مشهورا بالموسم ، إذ وطأ إزاره رجل من فزارة الخ ..» (٢).
فهذا العز ، والجلال ، وهذه الشهرة ، وذلك الاستقبال الذي حظي به جبلة ، لم يكن ليتحمله عمر ، أو يروق له ، وهو الذي ضرب شابا (ابنا له) بدرته حتى أبكاه ، لمجرد أنه رآه يلبس ثيابا حسنة ، فسألته حفصة عن سبب ذلك ، فقال : إني رأيته قد أعجبته نفسه ، فأحببت أن أصغرها إليه (٣).
وأقبل الجارود العامري ، وعمر قاعد والناس حوله ، فقال رجل : هذا
__________________
(١) الوافي بالوفيات ج ١١ ص ٥٣ والعقد الفريد ج ٢ ص ٥٦ والأغاني (ط دار الكتب العلمية) ج ١٥ ص ١٥٨.
(٢) الأغاني (ط دار إحياء التراث العربي) ج ١٥ ص ١٥٨.
(٣) تاريخ الخلفاء ص ١٣٣ الغدير ج ٦ ص ١٥٧ والمصنف للصنعاني ج ١٠ ص ٤١٦ وكنز العمال ج ١٢ ص ٦٦٨ وعمر بن الخطاب للبكري ص ٣٦٣.