وأما بالنسبة لإيواء الله تعالى لنبيه «صلىاللهعليهوآله» بمجرد أن وجده يتيما ، فإنه تعالى لا يغيب عنه شيء ، بل كل شيء حاضر لديه ، منذ أن أوجده. فلا فصل بين وجود الشيء ، وبين وجدان الله تعالى له ..
وبعبارة أخرى : إن التقدم تارة يكون من قبيل تقدم الصباح على المساء ، أو تقدم ولادة الوالد على ولادة ولده ..
وتارة يكون من قبيل تقدم حركة اليد على حركة المفتاح حينما يدار في قفل الباب. فإن التفريق والسبق بين الحركتين في هذه الصورة ، إنما هو في الذهن. وليس زمانيا ..
وتقدم وجود الشيء على وجدان الله تعالى له من هذا القبيل ، فإن الله تعالى حين أمات عبد الله والد الرسول ، قد وجد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يتيما. ولم يغب عنه في أي ظرف أو حال.
فلا يوجد أي فصل زماني بين هذين الأمرين.
فهو على حد قوله تعالى : (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) (١).
وقوله تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) (٢).
أي ليتجسد ذلك على صفحة الوجود ، ليكون وجوده العيني عين وجوده العلمي .. وإن اختلفا من حيث التحليل العقلي ، فيما. يرتبط بالإدراك
__________________
(١) الآية ١٢ من سورة الكهف.
(٢) الآية ٣١ من سورة محمد.