أقول : ويحتمل ان يكون مورد الخبر بالنسبة إلى من كان فاقدا للماء وتيمم بعد الاستبراء والتجفيف بالأحجار ، فإنه لا بأس بالخارج بعد ذلك بمعنى انه لا يكون ناقضا للتيمم وان كان نجسا باعتبار ملاقاة المحل النجس إلا انه غير واجد للماء ، وربما يستأنس لذلك بالتمسح بالأحجار. وظني ان هذا الجواب أقرب مما ذكره شيخنا المتقدم.
و (اما الثانية) فالظاهر منها ان السائل شكى إليه انه ربما بال وليس معه ماء ، ويشتد ذلك عليه بسبب عرق ذكره بعد ذلك أو بلل يخرج منه ، فيلاقي مخرج البول فينجس به ثوبه وبدنه ، فعلمه (عليهالسلام) حيلة شرعية يتخلص بها من ذلك ، وهو ان يمسح غير المخرج من الذكر اعني المواضع الطاهرة منه من بلل ريقه بعد ما ينشف المخرج بشيء ، حتى لو وجد بللا بعد ذلك لقدر في نفسه انه يجوز ان يكون من بلل ريقه الذي وضعه وليس من العرق ولا من المخرج ، فلا يتيقن النجاسة من ذلك البلل حينئذ. وبالجملة الحكمة في الأمر بمسح الذكر بالريق فعل أمر يجوز العقل استناد ما يجده من البلل اليه ، ليحصل عنده الاشتباه وعدم القطع بحصوله من المخرج أو ملاقاته ، ومع الاشتباه يبنى على أصالة الطهارة. ف كل شيء طاهر حتى يعلم انه قذر (١). والناس في سعة ما لم يعلموا (٢).
__________________
(١) هذا مضمون موثقة عمار عن أبي عبد الله (عليهالسلام) ونصها ـ كما في التهذيب ج ١ ص ٨١ والوسائل في الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب النجاسات ـ هكذا : «كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر ، فإذا علمت فقد قذر ، وما لم تعلم فليس عليك» وسيتعرض لها في التنبيه الثاني من تنبيهات المسألة الثانية من البحث الأول من أحكام النجاسات.
(٢) لم نقف على حديث بهذا النص بعد الفحص عنه في مظانه ، والذي وجدناه بهذا المضمون خبر السكوني عن ابى عبد الله (عليهالسلام) المروي في الكافي في الباب ـ ٤٨ ـ من كتاب الأطعمة ، وفي الوسائل في الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب النجاسات. وفي الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الذبائح وفي الباب ـ ٢٣ ـ من كتاب اللقطة.