وصحيحة بكر بن محمد عن ابي عبد الله (عليهالسلام) في حديث قد تقدم (١) قال فيه «وأول وقت العشاء ذهاب الحمرة وآخر وقتها الى غسق الليل يعني نصف الليل». وزاد في المختلف نقلا عنهما ، ولأن الإجماع واقع على ان ما بعد الشفق وقت العشاء ولا إجماع على ما قبله فوجب الاحتياط لئلا يصلى قبل دخول الوقت ، ولأنها عبادة موقتة فلا بد لها من ابتداء مضبوط وإلا لزم تكليف ما لا يطاق وأداء المغرب غير منضبط فلا يناط به وقت العبادة. انتهى.
أقول : ظاهر كلاميهما ولا سيما مع ما ذكره هنا من الاحتجاج في المختلف ان مراد الشيخين (طاب ثراهما) بما نقل عنهما ان غيبوبة الشفق هو الوقت الحقيقي للعشاء وان صلاتها قبله كصلاة المغرب قبل الغروب والظهر قبل الزوال.
وهو عندي محل نظر من وجوه : (اما أولا) فمن البعيد بل المقطوع ببطلانه عدم اطلاع الشيخين على الاخبار المتقدمة المستفيضة الدالة على دخول الوقتين بغروب الشمس إلا ان هذه قبل هذه ونحوها مما دل على جواز صلاة العشاء قبل غيبوبة الشفق ، وأبعد منه وأشد بطلانا اطراحها وإلغاؤها بالكلية بعد الوقوف عليها ولا محمل لها على تقدير هذا القول بالمرة.
(واما ثانيا) فلان الشيخ في النهاية قد جوز تقديم العشاء قبل غيبوبة الشفق في السفر وعند الاعذار ، حيث قال بعد ان ذكر ان وقت العشاء الآخرة سقوط الشفق وآخره ثلث الليل : ويجوز تقديم العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق في السفر وعند الاعذار ولا يجوز ذلك مع الاختيار. وقال الشيخ المفيد في المقنعة : ولا بأس بان يصلي العشاء الآخرة قبل مغيب الشفق عند الضرورات. وجوز في التهذيب تقديمها إذا علم أو ظن انه ان لم يصل في هذا الوقت لم يتمكن منها بعده. وكلامه هذا يدل على كون هذا الوقت الذي نقل عنه في هذه المسألة انما أريد به الوقت الموظف لذوي الاختيار دون
__________________
(١) ص ١٧٢.