بحيث يسع ركعة فإنه يجب عليه الاستئناف ، ذهب اليه الشيخ في الخلاف وجملة ممن تأخر عنه ، قالوا لانه بعد البلوغ مخاطب بالصلاة والوقت باق فيجب عليه الإتيان بها وما فعله أولا لم يكن واجبا فلا يحصل به الامتثال. وذهب الشيخ في المبسوط إلى انه يتم وظاهره عدم وجوب الإعادة ، واستدل له في المختلف بأنها صلاة شرعية فلا يجوز ابطالها لقوله تعالى «وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ» (١) وإذا وجب إتمامها سقط بها الفرض لان امتثال الأمر يقتضي الاجزاء. وأجاب عنه في المدارك قال : والجواب بعد تسليم دلالة الآية على تحريم إبطال العمل ان الإبطال هنا لم يصدر من المكلف بل من حكم الشارع ، سلمنا وجوب الإتمام لكن لا نسلم سقوط الفرض بها والامتثال انما يقتضي الإجزاء بالنسبة الى الأمر الوارد بالإتمام لا بالنسبة إلى الأوامر الواردة بوجوب الصلاة. انتهى. أقول : ما ذكره في الجواب من ان الإبطال هنا من حكم الشارع لا اعرف له وجها فإنه لا نص في المسألة كما لا يخفى ، وإيجاب الشارع عليه الصلاة بعد البلوغ لا يستلزم إبطال هذه إذ يجوز ان يكتفى فيه بإتمامها كما ذهب إليه في المبسوط. وبالجملة فالمسألة لكونها عارية عن النص لا تخلو من الاشكال.
قال المحدث الأمين الأسترآبادي في تعليقاته على شرح المدارك : أقول : في المسألة احتمالات أخر : أحدها ـ صحة صلاته إذا دخل عليه وقت الوجوب في أثنائها. وثانيها ـ صحة صلاته إذا أدرك ركعة في وقت الوجوب. وثالثها ـ صحتها إذا أدرك الركعتين الأوليين أو إحداهما في وقت الوجوب. ولا يمكن ان يفتي بأحد الاحتمالات قبل ظهور نص يدل عليه ، نعم يتجه ان يقال قطعنا بشمول العمومات له وجعلنا كفاية ما يعمل وعدم كفايته فيجب العمل بالاحتياط حتى نعلم حكم الله بعينه. وهذه القاعدة من قسم القطعي من القواعد الأصولية ونطقت بها روايات كثيرة لا من القسم الظني من قواعدها المردودة عندي كما حققناه في الفوائد المدنية. انتهى. وهو جيد.
__________________
(١) سورة محمد ، الآية ٣٥.