الفاضل في المقام من النقض والإبرام وزعم به إبطال ما ذكره المحقق الامام غير خال من الوهن الظاهر لمن أعطى التأمل حقه من ذوي الأفهام :
(أما أولا) ـ فإن من جملة الأخبار الدالة على ما ذكره شيخنا المحقق المتقدم ـ من الاكتفاء بمطابقة الحكم واقعا وان لم يكن عن علم ومعرفة ـ رواية عبد الصمد بن بشير عن ابي عبد الله (عليهالسلام) (١) قال : «جاء رجل يلبى حتى دخل المسجد الحرام وهو يلبي وعليه قميصه فوثب اليه الناس من أصحاب أبي حنيفة فقالوا شق قميصك وأخرجه من رجليك فان عليك بدنة وعليك الحج من قابل وحجك فاسد. فطلع أبو عبد الله (عليهالسلام) فقام على باب المسجد فكبر واستقبل الكعبة فدنا الرجل من ابي عبد الله (عليهالسلام) وهو ينتف شعره ويضرب وجهه فقال له أبو عبد الله (عليهالسلام) اسكن يا عبد الله فلما كلمه وكان الرجل أعجميا فقال أبو عبد الله (عليهالسلام) ما تقول؟ قال كنت رجلا أعمل بيدي فاجتمعت لي نفقة فجئت أحج ولم أسأل أحدا عن شيء فأفتوني هؤلاء أن أشق قميصي وانزعه من قبل رجلي وان حجي فاسد وان علي بدنة. فقال له متى لبست قميصك أبعد ما لبيت أم قبل؟ قال قبل ان ألبي ، قال فأخرجه من رأسك فإنه ليس عليك بدنة وليس عليك الحج من قابل ، اي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه ، طف بالبيت أسبوعا وصل ركعتين عند مقام إبراهيم واسع بين الصفا والمروة وقصر من شعرك فإذا كان يوم التروية فاغتسل وأهل بالحج واصنع كما يصنع الناس». والتقريب فيه انه مع تصريحه بمعذورية الجاهل بوجه كلي وقاعدة مطردة تضمن صحة ما فعله قبل لقاء الامام (عليهالسلام) من الاغتسال والإحرام والتلبية ونحوها مع إخباره بأنه لم يسأل أحدا عن شيء من الأحكام التي اتى بها ولهذا وقع فيما وقع فيه ، وامره (عليهالسلام) ان يصنع كما يصنع الناس من واجب أو مستحب مع عدم المعرفة بشيء من ذلك ، ويعضد ذلك أخبار معذورية الجاهل وصحة عباداته على التفصيل الذي
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٤٥ من أبواب تروك الإحرام.