بصلاتكم». وقال في الفقيه بعد ذكر صحيحة معاوية بن وهب : قال مصنف هذا الكتاب يعنى عجل عجل وأخذ ذلك من البريد. وفي بعض نسخ الكتاب من التبريد.
أقول : في القاموس «أبرد : دخل في آخر النهار ، وأبرده : جاء به باردا ، والأبردان : الغداة والعشي» وقال في النهاية الأثيرية : في الحديث «أبردوا بالظهر فالإبراد انكسار الوهج والحر وهو من الإبراد : الدخول في البرد ، وقيل معناه صلوها في أول وقتها من برد النهار وهو اوله. وفي المغرب الباء للتعدية والمعنى ادخلوا صلاة الظهر في البرد اي صلوها إذا سكنت شدة الحر. انتهى.
وأنت خبير بان ما ذكره الصدوق (قدسسره) لا ينطبق على شيء من هذه المعاني ، وقد قيل في توجيه كلامه ان مراده انه (صلىاللهعليهوآله) أمر بتعجيل الأذان والإسراع فيه كفعل البريد في مشيه اما ليتخلص الناس من شدة الحر سريعا ويفرغوا من صلاتهم حثيثا واما لتعجيل راحة القلب وقرة العين كما كان النبي (صلىاللهعليهوآله) يقول «أرحنا يا بلال» (١). وكان يقول : «قرة عيني في الصلاة» (٢). ولا يخفى ما فيه من التكلف. وظني ان ما فهمه أكثر الأصحاب من الحمل على التأخير لشدة الحر توسعة في التكليف ودفعا للحرج أقرب مما ذكره ويصير هذا من قبيل الرخص الواردة في الشريعة في غير موضع كما اتفقوا عليه في استثناء جملة من المواضع التي قدمناها ولعل الحامل للصدوق (قدسسره) في ارتكاب هذا التأويل البعيد وكذا من مال الى كلامه ووجهه بما قدمناه هو شهرة هذا الحكم عند العامة ، ولهذا ان بعض الأصحاب نقل عن الصدوق حمل صحيحة معاوية على التقية. وفيه ان كلام العامة أيضا مختلف في ذلك ، قال محيي السنة في شرح السنة (٣) بعد نقل خبر أبي هريرة المتقدم نقل الصدوق له في العلل : اختلف أهل العلم في تأخير صلاة الظهر في شدة الحر فذهب ابن المبارك واحمد وإسحاق
__________________
(١) نهاية ابن الأثير في مادة (روح) وتيسير الوصول ج ٢ ص ٢٩٧.
(٢) كنز العمال ج ٤ ص ٦٣.
(٣) البحار ج ١٨ الصلاة ص ٥٧.