لا نرى العمل بهذه الإجماعات المتناقلة إلا أنا نجيب عن ذلك إلزاما بمقتضى قواعدهم المقررة بينهم وهو انهم قد صرحوا في الأصول بأن مخالفة معلوم النسب غير قادح في الإجماع فإذا ادعى الإجماع من المتقدمين على هذا الحكم فمخالفة ابني بابويه بناء على ما قرروه غير مانعة من حجيته ، واما المتأخرون فهم محجوجون به بمقتضى قواعدهم فإنه متى كان الإجماع المنقول بخبر الواحد حجة كما هو المذكور في أصولهم ومخالفة معلوم النسب غير قادح في دعوى الإجماع فكيف ساغ لهم الخروج عنه والقول بخلافه وهو أحد الأدلة الشرعية عندهم؟ واما الاطراء على ابني بابويه في هذا الموضع بأنهم من أجلاء الطائفة حيث وافقوا ما اختاره ففيه ان مقتضى هذا الاطراء أتباعهما في كل ما ذهبا اليه ولا أراه يقول به ، واما احتمال وجود المشارك فهو أضعف فإنه إذا كان وجود المخالف المعلوم النسب غير قادح فكيف بالاحتمال؟ وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا خفاء فيه كما لا يخفى على الفطن النبيه.
و (الثاني) ـ ما ذكره ـ من منع دلالة الأمر على الفور ـ فان فيه انه ربما كان يذهب ذلك القائل إلى القول بذلك والمسألة قد حققت في الأصول ، والحق فيها وان كان هو ما ذكره (قدسسره) من ان الأمر انما يدل على مجرد الطلب من غير اشعار بتراخ ولا فورية ولكن الذي نقوله نحن هنا ان الأوامر لم تقع هنا مطلقة كما توهمه بل وقعت مقيدة بساعة الذكر كما دلت عليه الآية والاخبار التي قدمناها والقول بالمضايقة انما نشأ من ذلك ، ولهذا دلت الروايات الصحيحة على وجوب العدول من الحاضرة لو ذكر الفائتة في أثنائها كما تكرر في صحيحة زرارة الطويلة المتقدمة وغيرها وما ذاك إلا لأن الوقت لا يصلح لغيرها بل هو مختص بها ، وهكذا ما دام الوقت متسعا مع تعدد الفوائت الى ان تتضيق الحاضرة ، وهذا كله انما نشأ من التضييق كما لا يخفى على من شرب بكأس التحقيق فالأوامر هنا ليست مطلقة كما ظنه.
ولهذا ان الفاضل الخراساني في الذخيرة استشعر ما ذكرناه وأجاب بجواب آخر فإنه ـ بعد ان منع الفورية بكلام المحقق في المعتبر الذي تقدم نقله ـ قال ما صورته :