القرآن فذلك ايضا من خطراتك المتفاوتة المختلفة لأن القرآن ليس على ما ذكرت وكل ما سمعت فمعناه غير ما ذهبت اليه وانما القرآن أمثال لقوم يعلمون دون غيرهم ولقوم يتلونه حق تلاوته وهم الذين يؤمنون به ويعرفونه فاما غيرهم فما أشد إشكاله عليهم وأبعده من مذاهب قلوبهم ، ولذلك قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) انه ليس شيء بأبعد من قلوب الرجال من تفسير القرآن وفي ذلك تحير الخلائق أجمعون إلا من شاء الله وانما أراد الله بتعميته في ذلك ان ينتهوا الى بابه وصراطه وان يعبدوه وينتهوا في قوله إلى طاعة القوام بكتابه والناطقين عن امره وان يستنبطوا ما احتاجوا اليه من ذلك عنهم (عليهمالسلام) لا عن أنفسهم ، ثم قال «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ» (١) فاما غيرهم فليس يعلم ذلك ابدا ولا يوجد وقد علمت انه لا يستقيم ان يكون الخلق كلهم ولاة الأمر إذ لا يجدون من يأتمرون عليه ولا من يبلغونه أمر الله ونهيه فجعل الله تعالى الولاة خواصا ليقتدي بهم من لم يخصصهم بذلك فافهم ذلك ان شاء الله تعالى ، وإياك وتلاوة القرآن برأيك فإن الناس غير مشتركين في علمه كاشتراكهم فيما سواه من الأمور ولا قادرين عليه ولا على تأويله إلا من حده وبابه الذي جعله الله له فافهم ان شاء الله تعالى واطلب الأمر من مكانه تجده ان شاء الله تعالى».
أقول : لو لم يرد الا هذا الحديث الشريف لكفى به حجة في ما قلناه كيف والاخبار بذلك مستفيضة كما بسطنا الكلام عليه في كتاب الدرر النجفية وأشرنا الى ذلك في مقدمات الكتاب ، وحينئذ فكيف يجوز لمن وقف على هذه الاخبار وتأملها بعين الاعتبار ان يستند في تفسير مثل هذه الآية التي هي من متشابهات القرآن الى تفسير هؤلاء المفسرين الضالين المضلين؟ وما نقله عن المفسرين فهو مأخوذ من تفسير البيضاوي فإنه ذكر هذه الاحتمالات (٢) ثم قال في آخرها : أو لذكر صلاتي لما روى عنه
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ٨٥.
(٢) ص ٢٦٢.