تابع لنا تصلي إلى قبلتنا فاغتم رسول الله (صلىاللهعليهوآله) من ذلك غما شديدا وخرج في جوف الليل ينظر إلى أفاق السماء ينتظر من الله تعالى في ذلك امرا فلما أصبح وحضر وقت صلاة الظهر كان في مسجد بني سالم قد صلى من الظهر ركعتين فنزل عليه جبرئيل فأخذ بعضديه وحوله إلى الكعبة وانزل عليه «قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» (١) فصلى ركعتين الى بيت المقدس وركعتين إلى الكعبة».
وقال الصدوق في الفقيه (٢) : صلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله) الى بيت المقدس بعد النبوة ثلاث عشرة سنة بمكة وتسعة عشر شهرا بالمدينة ثم عيرته اليهود فقالوا له انك تابع قبلتنا فاغتم لذلك غما شديدا فلما كان في بعض الليل خرج (صلىاللهعليهوآله) يقلب وجهه في آفاق السماء فلما أصبح صلى الغداة فلما صلى من الظهر ركعتين جاءه جبرئيل فقال له «قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ... الآية» (٣) ثم أخذ بيد النبي (صلىاللهعليهوآله) فحول وجهه إلى الكعبة وحول من خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال فكان أول صلاته الى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة وبلغ الخبر مسجدا بالمدينة وقد صلى اهله من العصر ركعتين فحولوا نحو القبلة فكانت أول صلاتهم الى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة فسمى ذلك المسجد مسجد القبلتين ، فقال المسلمون صلاتنا الى بيت المقدس تضييع يا رسول الله (صلىاللهعليهوآله) فانزل الله عزوجل «وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ» (٤) يعني صلاتكم الى بيت المقدس. قال في الفقيه قد أخرجت الخبر في ذلك على وجهه في كتاب النبوة.
أقول : وربما يتسارع الى الناظر المنافاة بين هذه الأخبار بالنسبة إلى صلاة النبي
__________________
(١ و ٣) سورة البقرة ، الآية ١٣٩.
(٢) الوسائل الباب ٢ من القبلة.
(٤) سورة البقرة ، الآية ١٣٨.