أقول : فيه (أولا) ان ما أجاب به عن الوجه الثاني ـ من ان المعتبر التوجه الى جزء من اجزاء الكعبة. الى آخره ـ مما لا دليل عليه وانما المعتبر ما دلت عليه ظواهر الأدلة من التوجه إلى جهة الكعبة ، نعم اللازم من ذلك محاذاة البدن لجزء من اجزاء تلك الجملة وأحدهما غير الآخر. وبالجملة فهو يرجع الى ما تقدم ذكره في كلام صاحب الذخيرة.
و (ثانيا) ـ انه من العجب العجاب عدوله هنا عن طريقته التي جرى عليها في هذا الكتاب كما لا يخفى على من له انس بكلامه في جميع الأبواب ، فإن من قاعدته دورانه مدار الأسانيد الصحيحة كما صرحنا به في غير موضع عنه وان كانت متون تلك الأخبار مشتملة على علل عديدة ، ومن قاعدته رد الأخبار الموثقة وعدها في سلك الأخبار الضعيفة ، فكيف خرج عن ذلك هنا متعللا بهذه التعليلات الضعيفة والحجج السخيفة؟
واما قوله في الرجوع عما ذكره من المناقشة «أن سند الرواية المذكورة معتبر» ان أريد بخصوص هذه الرواية فلا وجه له فان في سندها الحسن بن علي بن فضال ويونس ابن يعقوب وهما من ثقات الفطحية ولا خصوصية للعمل برواية هذين دون غيرهما من ثقات الفطحية ، فإن عمل بالأخبار الموثقة فليكن في كل مقام وإلا فلا وجه لهذا الكلام المنحل الزمام.
واما تعلله بشيوع النهي في الكراهة فهو وارد عليه في جميع المقامات التي استدل فيها على الوجوب بلفظ الأمر فلا معنى للطعن به في هذا المقام خاصة ، ومقتضى التحقيق الذي صرح به هو وغيره في الأصول والفروع ان الأمر حقيقة في الوجوب ولا يخرج عنه إلا بقرينة ، على ان شيوع النهي في الكراهة ان كان مع القرائن الحالية أو المقالية الدالة على ذلك فهو لا ينفعه وإلا فهو محل المنع ايضا.
واما ما اعتضد به من ظهور لفظ «لا يصلح» في الكراهة فهو مبني على نقله الرواية بذلك في كتابه كما هو في أحد طرق الخبر المذكور ، ونحن قدمنا لك الخبر بجميع