صباح المزني عن الحارث بن حصيرة عن حبة العرني (١) قال : «قال أمير المؤمنين (عليهالسلام) كأني انظر الى شيعتنا بمسجد الكوفة وقد ضربوا الفساطيط يعلمون الناس القرآن كما أنزل اما إن قائمنا إذا قام كسره وسوى قبلته». على انه لا يعلم بقاء البناء الذي كان على عهد أمير المؤمنين (عليهالسلام) بل يدل بعض الاخبار على هدمه وتغييره كما رواه الشيخ (قدسسره) في كتاب الغيبة عن الفضل بن شاذان عن علي ابن الحكم عن الربيع بن محمد المسلي عن ابن طريف عن ابن نباتة (٢) قال : «قال أمير المؤمنين (عليهالسلام) في حديث له حتى انتهى الى مسجد الكوفة وكان مبنيا بخزف ودنان وطين فقال ويل لمن هدمك وويل لمن سهل هدمك وويل لبانيك بالمطبوخ المغير قبلة نوح طوبى لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي أولئك خيار الأمة مع أبرار العترة». هذا كلامه (قدسسره) في مجلد المزار من كتاب بحار الأنوار.
وقال في مجلد الصلاة من الكتاب المذكور ـ بعد ذكر الاشكال المتقدم ونقل حاصل كلام المحقق في رسالته والإشارة إلى انه غير حاسم لمادة الإشكال ـ ما صورته والذي يخطر في ذلك بالبال انه يمكن ان يكون الأمر بالانحراف لان محاريب الكوفة وسائر بلاد العراق أكثرها كانت منحرفة عن خط نصف النهار كثيرا مع ان الانحراف في أكثرها يسير بحسب القواعد الرياضية كمسجد الكوفة فإن انحراف قبلته الى اليمين أزيد مما تقتضيه القواعد بعشرين درجة تقريبا وكذا مسجد السهلة ومسجد يونس ، ولما كان أكثر تلك المساجد مبنية في زمان عمر وسائر خلفاء الجور لم يمكنهم القدح فيها تقية فأمروا بالتياسر وعللوه بتلك الوجوه الخطابية لإسكاتهم وعدم التصريح بخطإ خلفاء الجور وأمرائهم. وما ذكره أصحابنا من ان محراب المعصوم (عليهالسلام) لا يجوز الانحراف عنه انما يثبت إذا علم ان الامام (عليهالسلام) بناه ـ ومعلوم انه لم يبنه ـ أو صلى فيه من غير انحراف ، وهو ايضا غير ثابت بل ظهر من بعض ما سنح لنا من الآثار القديمة عند
__________________
(١) البحار ج ١٣ ص ١٩٤.
(٢) البحار ج ١٣ ص ١٨٦.