فيه انه مع الإغماض عما فيه من التكلف والبعد يتم لو انحصر الدليل في هذه الرواية وقد عرفت مما قدمنا انه ظاهر جملة من الاخبار بل هو مشتهر فيها غاية الاشتهار ، وما عداه فهو فيها على العكس من الاستتار وان اشتهر في كلام علمائنا الأبرار إلا انه من قبيل رب مشهور لا أصل له ورب متأصل غير مشهور. وأبعد من ذلك حمله ايضا الخبر على ما إذا صلى الوتر موصولة ولو على ضرب من التقية فإنه بمحل من التكلف البعيد والتمحل الشديد ، وما أدرى ما الحامل على هذه التكلفات المتعسفة والتمحلات المتصلفة مع ظهور الخبر في المراد؟ وغفلة الأصحاب عن الحكم المذكور وعدم تنبههم له وحكمهم بخلافه لا يوجب ذلك ، فكم لهم من غفلة عن الأحكام المودعة في الاخبار كما لا يخفى على من جاس خلال الديار.
والظاهر ان منشأ الشبهة في المقام هو دلالة الاخبار على فصل الركعتين الأوليين من الوتر وجواز وقوع المبطلات قبل الثالثة فجعلوهما بهذا التقريب صلاة منفصلة يحكم عليهما بما يحكم على سائر النوافل ، ولهذا استدلوا على استحباب القنوت فيهما بما دل على القنوت في كل ركعتين من النوافل ، والمفهوم من الاخبار ان الثلاث صلاة واحدة مسماة بالوتر كما سميت الفرائض كل باسم مثل الظهر والعصر ونحوهما ، غاية الأمر ان الشارع جوز الفصل فيها والإنسان مخير بين الفصل والوصل كما هو مقتضى الجمع بين أخبار المسألة ومتى ثبت كونها صلاة واحدة فليس فيها إلا قنوت واحد كسائر الصلوات وان جعل محله في الثالثة منها. هذا.
واما ما ذكروه من القنوت الثالث الذي بعد الرفع من الركوع فالذي دل عليه الخبر الوارد بذلك انما هو استحباب الدعاء بعد رفع الرأس من الركوع الثالث بهذا الدعاء الموظف كما رواه في الكافي (١) بسنده قال : «كان أبو الحسن (عليهالسلام) إذا رفع رأسه في آخر ركعة من الوتر قال : هذا مقام من حسناته نعمة منك وسيئاته بعمله
__________________
(١) الفروع ج ١ ص ٣٢٥ الطبع الحديث.