اما الشهيد الأول فإنه لم يصرح بهذه المسألة إلا في كتاب الذكرى وهذه صورة عبارته فيه : لو تبين في أثناء الصلاة الاستدبار أو أحد الجانبين وقد خرج الوقت أمكن القول بالاستقامة ولا إعادة لدلالة فحوى الأخبار عليه ، ويمكن الإعادة لأنه لم يأت بالصلاة في الوقت. انتهى. وظاهره كما ترى التردد والتوقف في المسألة حيث ذكر الاحتمالين ولم يرجح شيئا في البين ، والاحتمال الأول وهو الذي نسبه مذهبا اليه انما استدل عليه بفحوى الاخبار والظاهر ان مراده فحوى روايتي عبد الرحمن وسليمان بن خالد الآتيتين ان شاء الله تعالى ، وهو قوله (عليهالسلام) (١) : «وان فاتك الوقت فلا تعد». فإنه يصدق في الصورة المذكورة انه فاته الوقت وهو راجع الى ما ذكره هو من الاستدلال بالروايتين المذكورتين ايضا ، واين هذا من الذي نقله عنهما؟
واما جده الشهيد الثاني فإنه لم يذكر هذه المسألة أيضا لا في المسالك ولا في الروضة وانما ذكرها في الروض بهذه العبارة : نعم لو فرض تبين التيامن أو التياسر بعد الوقت في من أدرك منه ركعة أو المستدبر على القول بالمساواة. أمكن القول بالاستقامة ولا إعادة لإطلاق الاخبار ، وعدمه لانه لم يأت بالصلاة في الوقت ولان ما بعد الوقت هنا بحكم الواقع فيه فيكون بحكم الذاكر فيه. ويضعف بأن الأول مصادرة ومساواة ما بعد الوقت لما قبله مطلقا ممنوعة بل في محل النص والوفاق لا في جميع الأحكام على الإطلاق. انتهى وكلامه وان كان مؤذنا باختياره ما نقله عنه إلا انه انما علله بما قدمنا نقله عن الذكرى لا ما ذكره من استلزام القطع القضاء المنفي حتى انه يعترض عليه بانتفاء الدلالة على بطلان اللازم. واحتمال كونهما ذكرا ذلك في غير هذه الكتب المشهورة بعيد غاية البعد.
و (ثانيهما) ـ انه لا يخفى ان هذا الفرع المذكور لا يدخل تحت شيء من اخبار المسألة ، وما ذكروه من الوجوه الموجبة لصحة الصلاة مع الاستدارة إلى جهة القبلة لا يخلو من اشكال ، وذلك فان مورد أخبار المسألة كون الصلاة التي وقع الانحراف فيها
__________________
(١) الوسائل الباب ١١ من القبلة.