اغتم ترك الخمسين». قال في التهذيب : يريد به تمام الخمسين لأن الفرائض لا يجوز تركها على حال.
واعترضهم في المدارك بان في الروايتين قصورا من حيث السند ، قال والاولى ان لا تترك النافلة بحال للحث الأكيد عليها في النصوص المعتمدة وقول ابي جعفر الصادق (عليهالسلام) (١) «وان تارك هذا ليس بكافر ـ يعني النافلة ـ ولكنها معصية لأنه يستحب إذا عمل الرجل عملا من الخير ان يدوم عليه». وقول الصادق (عليهالسلام) في صحيحة ابن سنان الواردة في من فاته شيء من النوافل (٢) «ان كان شغله في طلب معيشة لا بد منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شيء عليه وان كان شغله لدنيا يتشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء وإلا لقي الله عزوجل مستخفا متهاونا مضيعا لسنة رسول الله (صلىاللهعليهوآله)».
أقول : فيه (أولا) ان ما طعن به في الخبرين المذكورين فهو لا يقوم حجة على المتقدمين كما سلف بيانه في غير موضع.
و (ثانيا) ـ انه مما يؤيد هذين الخبرين ايضا ما رواه ثقة الإسلام في الكافي بسنده عن أحدهما (عليهماالسلام) (٣) قال : «قال النبي (صلىاللهعليهوآله) ان للقلوب إقبالا وإدبارا فإذا أقبلت فتنفلوا وإذا أدبرت فعليكم بالفريضة». ومثله عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) في كتاب نهج البلاغة (٤) قال : «ان للقلوب إقبالا وإدبارا فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل وان أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض». ولا ريب أن الهم والغم موجبان لادبارها.
و (ثالثا) ـ ان ما ذكره من الخبرين معارض بما تكاثر في الاخبار من ان «من لقي الله عزوجل بالفرائض الخمس لم يسأله عما سواهن». وقد تقدم الكلام في
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ١٤ من أعداد الفرائض.
(٢) التهذيب ج ١ ص ١٣٦ وفي الوسائل في الباب ١٨ من أعداد الفرائض.
(٣ و ٤) رواه في الوسائل في الباب ١٦ من أعداد الفرائض.