قال : سمعت أبا يعلى أحمد بن علي بن المثني يقول : رحلت إلى البصرة للقاء المشايخ أبي الرّبيع الزهراني ، وهدبة بن خالد ، وسائر المشايخ ، فبينا نحن قعود في السفينة إذا أنا برجل يسأل رجلا فقال : ما تقول ـ رحمك الله ـ في رجل حلف بطلاق امرأته ثلاثا أنك تحفظ مائة ألف حديث؟ فأطرق رأسه مليا ثم رفع فقال : اذهب يا هذا وأنت بارّ في يمينك ، ولا تعد إلى مثل هذا ، فقلت : من الرجل؟ فقيل لي أبو زرعة الرّازيّ ، كان ينحدر معنا إلى البصرة.
أخبرنا الماليني ، حدّثنا عبد الله بن عديّ قال : سمعت أبي عديّ بن عبد الله يقول : كنت بالري ـ وأنا غلام في البزّازين ، فحلف رجل بطلاق امرأته أن أبا زرعة يحفظ مائة ألف حديث ، فذهب قوم إلى أبي زرعة بسبب هذا الرجل هل طلقت امرأته أم لا؟ فذهبت معهم فذكر لأبي زرعة ما ذكر الرجل ، فقال ما حمله على ذلك؟ فقبل له قد جرى الآن منه ذلك ، فقال أبو زرعة : قل له يمسك امرأته فإنها لم تطلق عليه ، أو كما قال.
حدّثني عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني ـ لفظا ـ قال : سمعت محمّد بن إسحاق بن مندة الحافظ يقول : سمعت أبا العبّاس محمّد بن جعفر بن حمكويه الرّازيّ يقول : سئل أبو زرعة الرّازيّ عن رجل حلف بالطلاق أن أبا زرعة يحفظ مائتي ألف حديث ، هل حنث؟ فقال : لا ، ثم قال أبو زرعة : أحفظ مائتي ألف حديث كما يحفظ الإنسان قل هو الله أحد ، وفي المذاكرة ثلاثمائة ألف حديث.
أخبرنا أبو علي عبد الرّحمن بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن فضالة النّيسابوريّ الحافظ ـ بالري ـ أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن شاذان الرّازيّ ـ بنيسابور ـ قال : سمعت أبا جعفر التستري يقول : حضرنا أبا زرعة ـ يعني الرّازيّ ـ بما شهران وكان في السوق ، وعنده أبو حاتم ، ومحمّد بن مسلم ، والمنذر بن شاذان ، وجماعة من العلماء ، فذكروا حديث التلقين وقوله صلىاللهعليهوسلم : «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله (٥)» قال : فاستحيوا من أبي زرعة وهابوه أن يلقنوه. فقالوا : تعالوا نذكر الحديث. فقال محمّد ابن مسلم : حدّثنا الضحاك بن مخلد عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح ، وجعل يقول ولم يجاوز ، وقال أبو حاتم : حدّثنا بندار ، حدّثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح ولم يجاوز ، والباقون سكتوا فقال أبو زرعة ـ وهو في السّوق ـ :
__________________
(٥) انظر الحديث في : صحيح مسلم ، كتاب الجنائز باب ١.