سبحانه قد ألبسه رداء جميلا من البهاء وحسن الخلقة وقبول الصورة ونور الطاعة وجلالة العبادة ، فكانت له في القلوب منزلة عظيمة ، يحبه الكبير والصغير والرجال والنساء ، وكان الرجل إذا رآه انتفع برؤيته قبل سماع كلامه ، فإذا تكلم كان البهاء والنور على ألفاظه ، وتقبلها الأسماع والقلوب ، ولا يشبع جليسه من مجالسته ، ولقد طفت شرقا وغربا ، ورأيت الأئمة والعلماء والزهاد ، فما رأيت أكمل منه ولا أكثر عبادة ولا أحسن سمتا ، صحبته قريبا من عشرين سنة ليلا ونهارا ، وتأدبت به وخدمته ، وقرأت عليه القرآن بجميع مروياته وقراءاته ، وسمعت منه أكثر مروياته ، وقرأت عليه الكتب المطولات ، واستفدت منه كثيرا ، وكان ثقة صدوقا حجة (١) نبيلا ، ركنا من أركان الدين ، وعلما من أعلام المسلمين. سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي (٢) والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي والحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي وخلق من الأئمة الكبار ورووا عنه وهو حجة.
أخبرنا شيخنا السعيد أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي بن عبيد الله (٣) قراءة عليه وأنا أسمع قال : أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين بقراءة شيخنا أبي الفضل بن ناصر عليه وأنا أسمع في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وخمسمائة ، أنبأنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز قراءة عليه في سنة سبع وثلاثين وأربعمائة ، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، حدثنا أبو بكر أحمد بن عبيد الله النّرسيّ ، أنبأنا روح بن عبادة ، حدثنا عثمان بن غياث ، حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «يمر الناس على جسر جهنم ، وعليه حسك وكلاليب وخطاطيف تخطف الناس يمينا وشمالا وبجنبتيه ملائكة يقولون : اللهم سلم سلم ، فمن الناس من يمر مثل البرق ، ومنهم من يمر مثل الريح ، ومنهم من يمر مثل الفرس المجري ، ومنهم من يسعى سعيا ، ومنهم من يحبو حبوا ، ومنهم من يزحف زحفا ؛ فأما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون ولا يحيون ،
__________________
(١) إلى هنا ينتهى السقط من (ج).
(٢) في (ب) : «الزندى».
(٣) في النسخ : «بن عبد الله».