الحجاج القشيري فقال هو : أنبأنا سعيد بن عمرو الأشعثي قالا : أنبأنا فلان بن فلان ، فقلت : إنما هو سعيد بن عمرو الأشعثي؟ قال : لا! ليس كما تقول ، قلت : فمن الأشعثي؟ قال : فضول منك ؛ وأما جعله الرجلين رجلا واحدا فإني رأيت بأخره مجلسا كتبه عنه بعض البغداديين المشهورين يحفظ الحديث فقرأته ، وإذا فيه «حدثنا ورقاء بن قيس بن الربيع» فأنكرت عليه وقلت : يا إنسان : تكتب مثل هذه الأخبار وتفضي عن موضع الإنكار! وليس هذا مما يخفي على من شم رائحة الحديث ، ألست تعلم أنه ورقاء بن عمر اليشكري وعن قيس بن الربيع؟ فقال : بلى! ولكنه شديد الكلام حديد اللسان ، وإني قد رددت عليه في مواضع فأغلظ عليّ في القول فآليت (١) أن لا أرد عليه.
قال الطرقي : وأما تصاحيفه في المتون فقد شذ عني الأكثر ، ومن ذلك أنه قال في أول حديث أملاه قال حميل (٢) بن بصرة : لقيت أبا هريرة وهو يجيء من الطود ، فقيل له : إنما هو الطور ، قال : بل هو الطود ، قال الله تعالى (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) ؛ وأما ما أخذ عليه في علم اللغة والنحو والعروض والشعر فمنها أني كنت أقرأ عليه تصنيفا له في معجزات الأنبياء [و] كرامات الأولياء ، فذكر في معجزة نبينا صلىاللهعليهوسلم كلامه في الخشف (٣) والضب والناقة ، فقيل له : ما الخشف؟ فقال : طائر ؛ وقال يوما في بعض ما جرى معه : الدلو يذكر ؛ فقلت : إنما يستدل على التأنيث والتذكير بالجمع والتصغير ، وتصغير الدلو دلية ، فقال : تصغير الرجل أيضا رجيلة ، فيجب أن يكون الرجل مؤنثا ، فكأنما ألقمني حجرا مثلثا ؛ وقال في بعض مناظراته مع ابن قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني : الفعل لا يوصف ، فقال الشيخ أبو الفضل الهمداني : يقول الله تعالى (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) بما انتصب صالحا؟ قال : انتصب على الحال ؛ وأنشد بيتا فأسقط منه كلمة تحتوي على وتد مجموع وسبب خفيف وذاك جزء خماسي على وزن فعولن ، فقلت : البيت مكسور ، فقال ـ
__________________
(١) في (ب) : «فأكتب».
(٢) في (ج) : «جميل».
(٣) في الأصل : «الخشب».