قرأت على المتوكلي عن محمد بن عبيد الله قال : أنبأنا أبو نصر النديم قال : أنبأنا أبو عبد الله المرزباني (١) إذنا قال : أنبأنا هارون بن علي بن المنجم ، أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر ، أنبأنا أبي قال : حدثني رجل من قريش قال : سمعت يزيد بن عقال قال : أراد عبد الملك بن صالح أن يغتال (٢) ملك الروم الضواحي بمكيدة من مكايده ، وكان من دهاة بني هاشم ، فدخلت عليه وعنده رجال في صنيعته ، فتشاوروا في ذلك ، فأشاروا عليه أن يشرف بنفسه على الروم من الثغور ويمضي أمره وإرادته ، فقال : إن من (٣) حزم الوالي الشهم أن لا يتبذل مهابة نفسه وجلالة قدره فيما إن استكفاه رجلا من صنيعته كفاه إياه ، وقام به لما في ضبط صنيعته لما استكفاه وأسند إليه من رفيع الذكر وسناء الشرف ، وما عليه في تقصيره ووهنه في ذلك من شين العيب وصغير الوهن ، وإنما اصطنعت الولاة الرجال ليصرفوا به مهجهم في الحروب ومهابة أنفسهم وجلالة أقدارهم عن التبذل لرغبتهم ، وكذلك يجب على الوالي اللبيب الأريب (٤) أن يتخير الرجال لصنيعته لأن صنيعة الوالي جنته (٥) في حربه ووجهه (٦) في سلمه ، وقد تعرف الرعية الوالي وقلّته بصنيعته ، ثم تمثل :
وبعثت من ولد الأعز المعتب (٧) |
|
صقرا يلوذ حمامة بالعوسج |
فإذا طبخت (٨) بناره أنضجتها |
|
وإذا طبخت بغيرها لم ينضج |
وهو الهمام إذا أراد فريسة |
|
لم ينجها منه صريخ الهجهج |
وبه قال : أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر ، أنبأنا أبي قال : وحدثني يحيى بن أبي نصر ، حدثني إبراهيم بن السندي قال : أتيت عبد الملك مسلّما ، فشكى إليّ
__________________
(١) في الأصل ، (ب) : «الرزيانى» وفي (ج) : «الرزمانى» تحريف. والتصحيح من الأنساب.
(٢) في كل النسخ : «عبد الملك بن صالح بن بغتال».
(٣) في (ب) : «فقال : من حزم».
(٤) في (ب) : «الأريبان» تصحيف.
(٥) في (ج) : «سنة».
(٦) في كل النسخ : «وجهة».
(٧) في الأصل ، (ب) : «معتب».
(٨) في الأصل : «فإذا طحنت».