محمد عبد الله بن يوسف الجرجاني قال في كتاب «طبقات الفقهاء» من جمعه : أبو المعالي الجويني إمام عصره ، ونسيج وحده ، ونادرة دهره ، عديم المثل في حفظه وبيانه ولسانه ، أخذ الفقه على والده ، وإليه الرحلة من خراسان والعراق والحجاز ، جرى ذكره في مجلس قاضي القضاة أبي سعيد الطبري فقال بعض الحاضرين : فانه يلقب «بإمام الحرمين» فقال قاضي القضاة : بل هو إمام خراسان والعراق لفضله وتقدمه في أنواع العلوم.
أنبأنا القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد الواسطي قال : كتب إليّ أبو جعفر محمد بن الحسن الهمداني قال : سمعت الشيخ أبا إسحاق الفيروزآبادي يقول : تمتعوا بهذا الإمام ، فانه نزهة هذا الزمان ـ يعني أبا المعالي الجويني.
قال سمعت أبا إسحاق يقول لأبي المعالي : يا مفيد (١) أهل المشرق والمغرب ـ لقد استفاد من علمه الأولون والآخرون ، وسمعته يقول له : أنت اليوم إمام الأئمة.
قرأت على أبي الفتوح داود بن معمر الواعظ بأصبهان ، عن أحمد بن الحسن بن يحيى الكاتب النيسابوري في مسألة إثبات الكلام فيه ونفى خلق القرآن ، فقذف بالحق على باطله ودمغه دمغا ودحض شبهه دحضا ، وتوضح كلامه في المسألة حتى اعترف المخالف والموافق له بالغلبة ، فقال جدي الإمام أبو القاسم القشيري : لو ادعى إمام الحرمين اليوم النبوة لاستغنى بكلامه هذا عن إظهار المعجزة.
وقرأت على أبي الفتوح عن أحمد بن الحسن قال سمعت أبا نصر بن هارون يقول : حضرت مع شيخ الإسلام إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني بعض المحافل فتكلم إمام الحرمين أبو المعالي في مسألة فأجاد الكلام كما يليق بمثله ، فلما انصرفنا مع شيخ الإسلام سمعته يقول : صرف الله المكاره عن هذا الإمام فهو اليوم قرة عين الإسلام والذابّ عنه بحسن الكلام.
كتب إليّ أبو سعد عبد الله بن عمر بن أحمد بن الصفار النيسابوري قال : أنبأنا أبو
__________________
(١) في الأصل ، (ب) : «ما مفيد» ، وفي (ج) : «أما مفيد» والتصحيح من الشذرات ٣ / ٣٦٠.