الذي هو أشد تحريما من سائر أفراد الكذب.
كما أن التدين يحرم بحيثية اخرى ارتكازا ، من حيث كونه تصرفا في ما هو من وظيفة الشارع وتحكما عليه.
وبالجملة : وضوح حرمة الفتوى والتعبد والتدين بغير العلم يغني عن تجشم الاستدلال عليها وإطالة الكلام فيها.
هذا ، ولو فرض جواز التعبد بالحجة على أنه الواقع ـ خلافا لما سبق منا ـ فلا بد من القطع بالحجية ، ولا يجدي احتمالها ، بدعوى : أنه معه لا يعلم بالحرمة ، لاحتمال وجود المسوغ ، وهو الحجة الواقعية التي فرض كونها كالعلم.
وذلك لعموم ما تقدم من المرتكزات الشرعية والعقلائية ، فكما لا يجدي عندهم ثبوت الشيء واقعا في جواز البناء عليه والتعبد والفتوى به ، بل لا بد فيها من العلم ، كذلك لا يجدي قيام الحجة عليه واقعا ما لم يعلم بذلك.
بل هذا هو المنصرف من الأدلة النقلية المتقدمة ، فإنه لو فرض كون قيام الحجة بمنزلة العلم فلا بد من تنزيل الأدلة المتقدمة ولو بقرينة المرتكزات المذكورة على بيان لزوم انتهاء التعبد والتدين والفتوى إلى العلم ولو بالحجية ، لا أن ثبوت الحجية واقعا كالعلم مسوغ لها.
وبالجملة : لا ينبغي التأمل في أن التشريع المحرم بالأدلة اللفظية واللبية كما يعم التعبد بما لم يعلم ثبوته مما هو ثابت واقعا ، كذلك يعمّ ما لم يعلم قيام الحجة عليه ، وإن قامت عليه واقعا ، بل قيام الحجة على الشيء كوجوده واقعا لا يجدي ما لم يعلم.
الثاني : الظاهر أن تمام الموضوع الواقعي والمقتضي للحرمة هو عدم العلم بجعل الواقع المتعبد به أو بجعل الحجة عليه. كما أن تمام الموضوع للجواز هو العلم بذلك ، وليس لجعل الحكم الواقعي المتعبد به أو لجعل الحجة عليه أو عدمهما دخل في ذلك.