ثبوتها شرعا.
الثاني : أنه مقتضى سيرة العقلاء على الرجوع إلى أهل الخبرة ، حيث لا إشكال بينهم في الرجوع في كل فن إلى أهله ، ومنه المقام.
وفيه ..أولا : أنه لم يتضح خبرة اللغويين بتعيين المعاني الموضوع لها ، فإنه وإن كان ظاهرهم التصدي لذلك لا لتعيين موارد الاستعمال ، إلا أن النظر في كتبهم يمنع من الثقة بخبرتهم ، لكثرة المعاني التي يذكرونها للفظ الواحد بنحو يطمئن بعدم وضعه لجميعها استقلالا ، وأن مستندهم في ذكرها محض الاستعمال فيها مع الغافلة عن أن خصوصيات كثير منها ناشئة من خصوصيات الاستعمال ، ولم تؤخذ في المعنى وضعا.
وثانيا : أنه لا وثوق بتقيدهم في ثبوت الاستعمالات التي يستنبط منها المعنى بالوجه المعتبر من علم أو علمي ، بل من القريب جدا تسامحهم في ذلك كثيرا ، فلا مجال للتعويل عليهم بملاك الرجوع إلى أهل الخبرة.
نعم ، قد يستأنس بما ذكروه بنحو يكون من مقدمات تشخيص الظهور واستنباطه بنظر الباحث واجتهاده.
وثالثا : أن من المعلوم تسامحهم في تحديد المعنى ومبناهم على الإشارة إليه إجمالا من دون ضبط له بالنحو الجامع المانع. ومن ثم اشتهر أن تعاريفهم لفظية لا حقيقية ، ومعه لا مجال للرجوع لهم لمعرفة المعنى تفصيلا ، وأما معرفته إجمالا فلا أثر لحجية قولهم فيها ، لتيسر القطع به غالبا ولو بعد الرجوع لهم.
ورابعا : أن جواز الرجوع إلى أهل الخبرة يختص بمن لا يتيسر له الاجتهاد في موضوع خبرتهم ، والظاهر تيسر الاجتهاد للفقيه في تشخيص الظهور الذي هو المهم في المقام ، لقلة موارد الاحتياج لذلك في الأحكام الشرعية ، وتيسر مقدمات الاستنباط ولو بعد الرجوع لهم ، بنحو لا يعلم بانهم أوصل منه نوعا. فلاحظ.