المعنى للباحث نفسه في مثل ذلك ولو بضميمة ذكرهم له ، ولا سيما مع كون الوجه المذكور لا يقتضي غالبا تعيين المعنى بوجه تفصيلي ، بل إجمالي ، وإنما المهم حجية قولهم في الثاني لو فرض خبرتهم ، لصعوبة تمييزه على الباحث نفسه ، كما لا يخفى.
هذا ، مع أن التأمل في ما سبق منا وفي غيره يمنع من الوثوق باللغويين بنحو يدرج خبرهم في خبر الثقة. فتأمل جيدا.
الثالث : أنه لو لم يرجع لقول اللغويين لزم انسداد باب العلم باللغة ، إذ الغالب انحصار معرفة أصل المعنى إجمالا أو خصوصياته تفصيلا بالرجوع لهم ، ومع انسداد باب العلم يتعين التنزل للظن الحاصل من قولهم.
وفيه .. أولا : أنه لا أثر لانسداد باب العلم باللغة إلا من حيث إفضائه إلى انسداد باب العلم في غالب الأحكام الشرعية ، وهو لا يلزم في المقام ، لقلة الأحكام المتعلقة بالمفاهيم المجملة التي لا يتسنى للفقيه تشخيص ظهور الأدلة المتعرضة لها بنفسه ولو بمعونة الرجوع لهم ، فلا يلزم من الرجوع للأصول فيها مخالفة قطعية ، فضلا عن الخروج عن الدين ، كما لا يلزم من الاحتياط فيها الحرج ، فضلا عن اختلال النظام ، كي يتعين معه الرجوع للظن حكومة أو كشفا.
وثانيا : أنه لو تم اقتضى الاكتفاء بكل ظن ، لا بخصوص ما يحصل بقول اللغوي ، إلا أن يكون هو المتيقن مع فرض إهمال نتيجة دليل الانسداد. وهو غير ظاهر.
وثالثا : أن ما عرفت من الإشكال في خبرة اللغويين والثقة بهم يمنع من حصول الظن بقولهم.