الحقيقي إلا بالله وللمؤمنين ، فهم الذين يصدقهم تصديقا حقيقيا دونكم. فيدل ذلك على رجحان تصديق المؤمنين ، وصحة الاعتماد على خبرهم ، وحجيته.
وأما حمل التصديق للمؤمنين فيها على التصديق الصوري وإظهار القبول من دون تصديق حقيقي ، تأكيدا لما تضمنه قوله تعالى : (أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) الذي لا يراد به التصديق الحقيقي ، لأن المخاطب به هم المنافقون الذين يعلم عدم تصديق النبي صلّى الله عليه وآله لهم ـ كما أطال الكلام فيه شيخنا الأعظم قدّس سرّه ـ فهو بعيد عن ظاهر الآية جدا ، لظهور سياقها في مدح المؤمنين بتصديقه صلّى الله عليه وآله لهم ، وهو يناسب إرادة المؤمنين الحقيقيين ، لا ما يعم المنافقين ، بل إطلاق عنوان المؤمن على ما يعم المنافق في مثل هذه الآية الواردة لذم المنافقين بعيد جدا غير مناسب لذيلها المفصل بين المؤمنين والمؤذين لرسول الله صلّى الله عليه وآله في الرحمة والعذاب.
ومثله في الإشكال دعوى : أن اختلاف تعدية فعل الايمان لله تعالى والمؤمنين ، حيث عدي له تعالى بالباء ولهم باللام قرينة على إرادة التصديق الصوري من الإيمان للمؤمنين ، الراجع إلى قبول عذر المعتذر ورفع العقاب عنه المستلزم لامانه ، لما قيل من أن اختلاف التعدية للفرق بين إيمان التصديق. وإيمان الامان.
لاندفاعها : بعدم تبادر ذلك في اللام ، بل الظاهر منها إرادة التصديق الحقيقي ، كما في قوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ)(١) ، وقوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً)(٢) ، وقوله تعالى : (قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ)(٣).
__________________
(١) سورة يوسف : ١٧.
(٢) سورة الاسراء : ٩٠.
(٣) سورة الشعراء : ١١١.