تارة : يكون محض القصد القائم بالنفس المقارن للفعل.
واخرى : يكون هو إعمال القدرة والإرادة في الفعل الخارجي ، فهو عبارة عن إضافة قائمة بين الفاعل وفعله منتزعة عن قيامه به عن التفات إليه.
أما الأول فهو حاصل بنحو واحد في صورتي الخطأ والإصابة ، فكما يكون شارب الخمر الحقيقي قاصدا لشرب الخمر ، كذلك يكون شارب ما يعتقد خطأ أنه خمر.
وأما الثاني فحيث كان أمرا إضافيا قائما بموضوعه الخارجي ، فصدقه تابع لتحقق موضوعه واقعا ، فمن شرب الماء المقطوع الخمرية لا يصدق أنه اختار شرب الخمر ، بل هو قد اختار شرب الماء الذي يعتقد أنه خمر.
وحينئذ نقول : الدليل المتقدم ـ لو تم ـ لا يقتضي صرف التكليف للأمر الأول ، بل للأمر الثاني ، لأنه المناسب لأخذ القدرة في التكليف حيث يكون الموضوع الأفعال الخارجية ، ولما هو المعلوم من قيام الملاكات بالأمور الخارجية ، وعليه لا يكون موضوع التكليف إلا الاختيار المتعلق بالمعنونات الواقعية غير الحاصل في مورد التجري.
نعم ، لو استفيد من الأدلة أن متعلق الاختيار هو الأمور الخارجية التي يقطع بثبوت العناوين لها ولو كان خطأ كان اللازم العموم لمورد التجري. لكنه خلاف ظاهر الأدلة ، لظهورها في أن المدار على الواقع.
وبالجملة : ظاهر الأدلة أن الموضوع هو المعنونات الواقعية ، سواء كانت بأنفسها موضوعا للتكليف ـ كما هو الحق ـ أم كانت موضوعا للاختيار الذي هو موضوع التكليف ـ كما يدعيه المستدل ـ وهو لا يقتضي عموم التكليف لمورد التجري.
فالإنصاف : أن الوجه المذكور في غاية السقوط ولو لا تعرض غير واحد من الأكابر له لما أطلنا الكلام فيه ، وإن كنا قد تابعناهم في كثير مما