بالوثوق في الراوي وإن لم يكن عادلا ، ولا يدل على الاكتفاء بالوثوق بالخبر مع عدم الوثوق بالراوي. مع أنه خبر واحد.
وأما استفادة ذلك من بقية الأخبار فهو غير ظاهر. فإن حملها على ذلك وإن كان قريبا جدا ، بلحاظ كونه ارتكازيا يناسب عمل الأصحاب ، إلا أنه لا مجال لاستفادته من النصوص ودعوى ظهورها فيه ، ولا سيما مع عدم صدور أكثرها لبيان الحجية ، بل لبيان أمر آخر يستفاد منه المفروغية عن الحجية في الجملة. خصوصا مع لزوم كون المضمون متواترا ولو إجمالا ليمكن البناء عليه في هذه المسألة.
نعم ، لا يبعد دعوى أن النظر في النصوص يوجب العلم بحجية خبر الثقة ، لدلالة نصوص كثيرة عليه ، مثل ما ورد في كتب (بني فضال) ، وخبر الحسن بن الجهم عن الرضا عليه السّلام ، قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيهما الحق. قال : «فإذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت» ، وخبر الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه السّلام ، «إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم ، فترد إليه» (١) ، وما في رواية عمر بن يزيد المتقدمة في آية الإيذاء من قوله عليه السّلام : «إذا قامت عليه الحجة ممن يثق به في علمنا فلم يثق به فهو كافر ..» ، وما تقدم في الاستدلال بالسنة عن روضة الواعظين من قوله صلّى الله عليه وآله : «من تعلم بابا من العلم عمن يثق به ..». وما ورد في تفسير قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ..) حيث يظهر منه جواز الاعتماد على خبر المضيع للحديث الذي هو غير عادل غالبا ، وما عن الكاظم عليه السّلام في كتابه لعلي بن سويد : «لا تأخذن معالم دينك من غير شيعتنا ، فانك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم ..» فإن تعليل عدم القبول من غير الشيعة بخيانتهم ظاهر في كون منشئه
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ، باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ٤٠ ، ٤١.