بلحاظ العمل يقتضي كونها موردا للعمل كالواقع ، من دون دلالة على كونه بعناية التنزيل المذكور.
بل لسان التعبد بمضامين الطرق والأصول مباين للسان التنزيل ، لوضوح أن مفاد الطرق بيان الواقع ، فمفاد أدلة اعتبارها لزوم البناء على كون مضمونها هو الواقع ، لا تنزيل أمر آخر منزلته. ومفاد الأصول لزوم التعبد بالعناوين الموضوعية ـ كالتذكية ـ والحكمية ـ كالحلية والطهارة ـ ولزوم البناء عليها في مقام العمل ، لا تنزيل العناوين المتعبد بها منزلة العناوين الواقعية ، بل هو أمر آخر متأخر رتبة عن التعبد ، لكونه نحو نسبة بين الأمر المتعبد به والواقع ، فيحتاج إلى دليل آخر لا ينهض به دليل التعبد.
اللهم إلا أن يدعى أن التنزيل إنما هو بين موضوع الأصول والمحكوم بالحكم الواقعي ، لا بين مفاد الأصول والواقع ، فمرجع قوله عليه السّلام : «كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه قذر» ، إلى تنزيل مجهول الحال منزلة الطاهر في ثبوت أحكامه له ، والحكم عليه بالطهارة ادعاء بلحاظ الأحكام الثابتة للطاهر ، لا الحكم عليه بها حقيقة في مقام الظاهر ، ثم تنزيلها منزلة الطهارة الواقعية ، ليتجه الإشكال المتقدم.
نعم ، هو خلاف الظاهر ، لأن ظاهر الحكم بشيء هو الحكم به حقيقة لا ادعاء وتنزيلا.
ودعوى : تعذر الحمل على الحكم الحقيقي ، لتبعيته للواقع ، لا للجهل به ، فيتعين الحمل على الحكم الادعائي.
مدفوعة : بأن الحمل على الادعاء والتنزيل لا يرفع المحذور المذكور ، إذ التنزيل إنما يصح بلحاظ أحكام المنزل عليه ، وهي ـ كالعنوان المحكوم به ـ تابعة لموضوعاتها الواقعية أيضا ، فكما يصح الحكم بالعنوان ادعاء وتنزيلا بلحاظ أحكامه مع عدم ثبوتها واقعا ، كذلك يصح الحكم الحقيقي بالعنوان نفسه