مع عدم ثبوته واقعا.
ومنه يظهر أن الحمل المذكور لا يصلح لرفع محذور الاختلاف بين الحكم الواقعي والظاهري وإنما هو يبتني على ظهور الأدلة في ذلك ، وقد عرفت عدمه.
وثانيا : أن التنزيل المذكور ـ لو تم ـ إنما يتعقل في التعبد بموضوعات الأحكام التكليفية ـ كالطهارة والتذكية والرطوبة ـ فيدعى أن الحكم بها ليس حقيقيا ، بل هو ادّعائي بلحاظ أحكامها الشرعية ، بخلاف التعبد بنفس الأحكام التكليفية ـ كالحل والحرمة ـ لعدم كونها موضوعا لأحكام شرعية يصح بلحاظها التنزيل. وأحكامها العقلية ـ كوجوب الإطاعة ـ مختصة بها ، ولا تنالها يد الجعل الشرعي ، حتى يمكن التنزيل بلحاظها.
إلا أن يلتزم في ذلك بجعل المؤدى حقيقة ، وأن معنى تنزيله منزلة الواقع جعله كالواقع ، فيكون مؤدى دليل الاعتبار في الطرق والأصول الموضوعية جعل أحكام تلك الموضوعات ، وفي الطرق والأصول الحكمية جعل نفس تلك الأحكام.
وهو ـ كما ترى ـ لا يناسب اتحاد لسان دليل الاعتبار في المقامين ، بل رجوعهما إلى خطاب واحد جامع لهما في كثير من الطرق والأصول. مضافا إلى استلزامه جعل الحكم الظاهري في قبال الحكم الواقعي ، وهو لا يخلو عن إشكال يأتي الكلام فيه في محله.
ومن ثمّ يتعين حمل التنزيل المذكور ـ لو ورد ـ على الكناية عن حجية الطرق في إحراز الواقع وترتيب آثاره ، فيرجع إلى الوجه الرابع ، الذي يأتي الكلام فيه.
الثاني : أن مفاد أدلة الطرق هو تنزيلها منزلة العلم وإلغاء احتمال الخلاف معها ادعاء لأجل التنزيل المذكور ، فكما يلزم العمل مع العلم يلزم بقيامها.