يظهر بالتأمل في الوجه المتقدم في الفصل الأول. ولم ينقل الخلاف في ذلك إلا في موردين ..
الأول : ما عن كاشف الغطاء قدّس سرّه من عدم الاعتبار بقطع من خرج عن العادة في قطعه ، كما لا اعتبار بشك كثير الشك وظن كثير الظن.
قال في محكي كلامه في مباحث الصلاة : «وكثير الشك عرفا ـ يعرف بعرض الحال على عادة الناس ـ لا اعتبار بشكه. وكذا من خرج عن العادة في قطعه أو ظنه ، فإنه يلغو اعتبارهما في حقه».
وظاهر كلامه إرادة القطع الطريقي ، لما هو المعلوم من أن القطع في باب الصلاة كالظن والشك لا يكون مأخوذا في موضوع الحكم الواقعي ، وإن افترق عنهما بأخذهما في موضوع الحكم الظاهري دونه ، إذ لا مجال للحكم الظاهري معه.
ولا مجال مع ذلك لاحتمال حمله على القطع الموضوعي ، وإن جعله شيخنا الأعظم قدّس سرّه وجها في تعقيب كلامه قدّس سرّه ، بل هو الذي قربه شيخنا الاستاذ (دامت بركاته) ، لأن رفعة مقام كاشف الغطاء قدّس سرّه تمنع من حمل كلامه على القطع الطريقي. لكنه ـ كما عرفت ـ خروج عن ظاهر كلامه. والعصمة لاهلها.
وأما ما ذكره في الفصول في توجيه المنع عن العمل بقطع القطاع ولو كان طريقيا ، من إمكان منع الشارع عن التعويل على القطع ، وأن العقل قد يستقل في بعض الموارد بعدم ورود منع شرعي ، لمنافاته لحكمة فعلية قطعية ، وقد لا يستقل بذلك ، لكن يستقل حينئذ بحجية القطع في الظاهر ما لم يثبت المنع الشرعي.
فهو مبني على ما ذكره في الملازمة بين الحكم العقلي والشرعي من أن استلزام الحكم العقلي للحكم الشرعي واقعيا كان أو ظاهريا مشروط في نظر العقل بعدم ثبوت منع شرعي عنده من تعويله عليه ، بتخيل أن حجية القطع من