الأربعة والخليفة المتوكل على الله العباسي ، وجماعة من مشايخ الصوفية ذوي الأتباع ومعهم الأعلام ، وخيري بك ـ كافل حلب ـ حامل بجانبه القبة والطير ، فنزل بالميدان المذكور ثم حضرت إليه كفّال مملكته بعساكرها. ولما بلغ السلطان سليم (١) نزول الغوري إلى حلب عجب من ذلك وخفي عليه السبب ، فأوفد على الغوري ـ لكشف خبره ـ قاضي عسكره زيرك زاده ، وقراجا باشا ، ومعهما هدية حافلة. ولما مثلا بين يديه سألهما عن السلطان سليم فقال له القاضي : هذا ولدك وتحت نظرك. فقال له الغوري : لو لا أنه مثل ولدي ما جئت من مصر إلى هنا بأهل العلم حتى أصلح بينه وبين إسماعيل شاه ، ثم أجزل عطاءه وصرفه.
ثم إن الغوري نادى بالرحيل لمقابلة السلطان سليم ، ورحل في النصف الآخر من رجب من السنة المذكورة وقد أودع جميع أمواله وأموال أمرائه عند أهل حلب ، وصحب معه قضاة حلب وجماعة من الصوفية ومعهم الربعات والأعلام ، وأظهر أنه بصدد الإصلاح بين السلاطين. وكان الغوري قد أرسل مغلباي الدوادار قاصدا إلى السلطان سليم وصحبته عشرة عساكر من خيار عسكره لابسين أحسن الملابس وعلى رؤوسهم الخوذ ، ومع مغلباي كتاب يتضمن طلب الصلح فيما بين السلطان سليم وشاه إسماعيل. فلما وصل القاصد المذكور إلى السلطان سليم ودخل عليه ومعه العساكر العشرة اغتاظ السلطان سليم وقال لمغلباي : ألم يكن عند أستاذك رجل من أهل العلم يرسله لنا؟ وإنما أرسلك بهؤلاء العشرة ليرعب بهم قلوب عسكري ويخوفهم ، ولكن أنا أكيده بأعظم من هذا. ثم أمر بالعساكر العشرة فضربت رقابهم وحبس مغلباي. وبعد يومين أراد أن يلحقه بهم فشفع به متصرف عينتاب ، فتركه حيا ولكنه حلق لحيته وأخلق ثيابه وأركبه على حمار معقور أعرج ، وقال له : قل لأستاذك يجتهد جهده وأنا سائر إليه. ولم يقرأ كتاب الغوري لشدة غيظه.
ولما رجع مغلباي إلى الغوري على هذه الحالة عسر عليه ذلك وصمم على قتال السلطان سليم ، وأمر كربتاي بأن يكشف خبر السلطان سليم ويرجع على الفور. فلما وصل كربتاي إلى قيصرية وجد أهلها قد قفلوا أبوابها وتأهبوا لقتال الجراكسة لما بلغهم عنهم ما فعلوه
__________________
(١) كذا ، والصواب : «سليما» بدل من المنصوب قبله.