المملكة واجتمع المجلس العمومي المؤلف من ممثلي (الإكليروس) والطبقة الثالثة من طبقات الشعب فلم يحصل من اجتماعه فائدة. ولما بلغ لويس الثالث عشر رشده وتولى الأحكام بنفسه ؛ جعل وزيره الأول أسقفا حازما صاحب عزيمة يسمى (الكردينال دي ريشليو). أما كونسينى أبو الأسرة التي كانت ملتفة حول أم الملك فإنه اعتقل ثم قتل شر قتلة.
وكان أول عمل عمله (ريشليو) أنه أكره البروتستان على الخضوع إلى الملك وأخذ منهم مدينة (لاروشل) المحصنة وأرغم الأمراء ووجوه الأمة على الخضوع إلى القانون العام ، وقتل المتمردين والمخالفين أحكام الأوامر التي أصدرها الملك في شأن المبارزة مثل الكونت (مونمورانس بوتويل). وبعد أن جعل السلام سائدا في فرنسة هجم على الإسبانيوليين وعلى حلفائهم وأخذ منهم ثلاث ممالك عظيمة ، أي (الألزاس) و (الروسيون) و (الأرتوا) ، وأجرى إصلاحات عظيمة في داخلية البلاد ولا سيما في دائرة الشرطة ودائرة الضرائب ، وأنهض بحرية فرنسة وبنى الموانىء والمراكب والسفن الحربية ، واشترى عدة جزائر في الأنتيل الأميركية ، وتوصل إلى (مدغسكار) الإفريقية فبنى فيها مراكز مهمة ، ونشّط العلوم والآداب فأسس (الأكاديمية) القانونية. ومات سنة ١٦٤٢ م / ١٠٥٢ ه.
ومات بعده الملك سنة ١٦٤٣ م / ١٠٥٣ ه فنابت عن الملك لويس الرابع عشر أمه (حنة) النمساوية الإسبانيولية الأصل ، لأن الملك الصغير لم يكن قد تجاوز الخامسة من عمره ، فاختارت لنفسها وزيرا الكردينال (مازارين) صديق ريشليو وتلميذه. ومازارين هذا من مدينة رومية وكان لا يحسن التكلم بالفرنسية. وفي مدة نيابة حنّة عن ابنها انتصر الفرنسيون على الإسبان وغيرهم لحسن تدبير القائدين الشهيرين كونده وطورين. وفي سنة ١٦٤٨ تعاهد ملك إسبانيا مع فرنسة وتنازل لها عن بلاد الألزاس. وهذه المعاهدة تعرف بمعاهدة نسيتغالي. ثم في سنة ١٦٥٩ عقدت معاهدة أخرى تعرف بمعاهدة بيرين ربحت بها فرنسا مقاطعتي الأرتوا والروسيون. ومع هذا كله فإن مازارين كان منفورا من الشعب لطمعه ولأنه أثقل كاهله بالضرائب. ولذا قامت الثورة في المملكة ، المعروفة بثورة الضرائب ، وتفاقم الشر بين الملك ووزيره وبين وجوه أهل المملكة ومجلس البرلمان الذي تحزب إلى القائد. ثم اختلف الثوار مع بعضهم واغتنم مازارين فرصة اختلافهم ورجع إلى باريس بعد أن اعتزل الأعمال مدة سنتين ، وكان عوده إلى باريس سنة ١٦٥٣ فازدادت