والإعراض عن سبيل الله عزّ شأنه.
قال تعالى : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (١).
يقول صاحب «الميزان» قدس سره : الآية بظاهر لفظها عامّة ، ولا تختصّ بزمان دون زمان ، أو بمكان ، أو بواقعة خاصّة ، فالمراد بالبرّ والبحر معناهما المعروف ، ويستوعبان سطح الكرة الأرضيّة.
والمراد بالفساد الظاهر المصائب والبلايا الظاهرة فيهما الشاملة لمنطقة من مناطق الأرض ، من : الزلازل ، وقطع الأمطار ، والسنين «المجديّة» ، والأمراض السارية ، والحروب والغارات ، وارتفاع الأمن ، وبالجملة كلّ ما يفسد النظام الصالح الجاري في العالم الأرضي سواءً كان مستنداً إلى اختيار بعض الناس ، أو غير مستند إليه ، فكلّ ذلك فساد ظاهر في البرّ أو البحر مخلٌّ بطيب العيش الإنسانيّ.
وقوله تعالى : (بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) ، أي بسبب أعمالهم التي يعملونها من شركٍ أو معصية ، وقد تقدّم في تفسير قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (٢) ، وأيضاً في مباحث النبوّة أنَّ بين أعمال الناس والحوادث الكونيّة رابطةً مستقيمة ، تتأثّر إحداهما من صلاح الأخرى وفسادها (٣).
ويُستدلّ على ذلك من الكتاب العزيز بما يلي ، قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) (٤) ، (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (٥) ، (وَلَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الروم : ٤١.
٢ ـ الأعراف : ٩٦.
٣ ـ تفسير الميزان ١٦ : ١٩٥ ـ ١٩٦.
٤ ـ الرعد : ١١.
٥ ـ الشورى : ٣٠.