الله ، ثمّ لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع (١).
وورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله في التوبة النصوح أن يكون باطن الرجل كظاهره وأفضل (٢).
وروي أنّ أحد الشبّان جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يبكي بكاء الثكلى على ولدها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : ما يبكيك يا شاب؟ قال : كيف لا أبكي وقد ارتكبت ذنوباً إن أخذني الله عزّ وجلّ ببعضها أدخلني نار جهنم ، ولا أراني إلّا سيأخذني بها ولا يغفر لي أبداً. وكلّما ذكر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله للشاب ذنباً ، قال الشاب : إنّ ذنبي أعظم منه ، فقال الارسول الأعظم صلى الله عليه وآله : ويحك ألا تخبرني بذنب واحد من ذنوبك!
قال : بلى أخبرك. إنّي كنت أنبش القبور سبع سنين ، أخرج الأموات ، وأنزع الأكفان ، فماتت جارية من بعض بنات الأنصار ، وعندما دفنت ذهبت إلى قبرها ونبشته وجرّدتها من أكفانها ، ثمّ جامعتها وتركتها عارية مكانها.
فقال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله : تنحّ عنّي يا فاسق. فذهب الشاب فأتى المدينة ، وتزوّد منها ثمّ أتى بعض جبالها فتعبّد فيها ، وليس مُسْحاً ، وَغَلَّ يديه جميعاً إلى عنقه ونادى : يا ربّ ، هذا عبدك بهلول بين يديك مغلول ، يا ربّ ، أنت الذي تعرفني ، وزلَّ منّي ما تعلم سيّدي يا ربّ ، إنّي أصبحت من النادمين ، وأتيت نبيّك فطردني وزادني خوفاً ، فأسألك باسمك وجلالك وعظمة سلطانك أن لا تخيّب رجائي ، سيّدي ولا تبطل دعائي ، ولا تؤيسني من رحمتك.
ولم يزل هكذا أربعين ليلة حتّى تاب الله عليه ، ولمّا جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه ليبلغوه ، فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين ، مغلولة يداه إلى عنقه ، وقد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الدر المنثور ٦ : ٢٤٥.
٢ ـ معاني الأخبار للصدوق : ١٧٤ / ح ٣.