اسودّ وجهه ، وتساقطت أشفار عينيه من البكاء ، فدنا رسول الله صلى الله عليه وآله منه فأطلق يديه من عنقه ، ونفض التراب عن رأسه وقال : يا بهلول ، أبشر فإنّك عتيق الله من النار (١).
أمّا مقوّمات التوبة النصوح فهي :
١ ـ العلم بقبح الذنب وضرره.
٢ ـ الندم والأسف على ما صدر منه.
٣ ـ العزم على عدم العود ، وترتيب الآثار العمليّة للتوبة.
ومسألة اجتناب المعاصي ، وقضيّة التوبة منها بعد الاقتراف تختلف من شخص لآخر ، حسب درجة إيمانه ، إنّ الإيمان درجات ومراتب ، وقد ورد في الأخبار أنّها تزيد على سبعين مرتبة ، فالمؤمن العارف ، والمؤمن الذي بدرت منه المعصية يقعان تحت عنوان الإيمان ، ولكن شتّان بين شجرة النخيل وشجرة الورد.
فعلى المؤمن أن يحاسب نفسه ، ويطهّر قلبه بالتوبة ، ويكثر من العبادات والطاعات التي تقرّبه إلى الله قبل أن يرين الذنب على قلبه ، فيُختَم عليه أو يطبع عليه ، أو يُصبح قلبه مقلوباً منكوساً فيكون في عداد الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً ، وهذا لا يجد القدرة والطاقة على كشف تلك الظلمات وإزالة الكدورات ، بل لعلّ الموت يأخذه بغتة قبل المبادرة إلى التوبة.
وقد ورد في الحديث الشريف أنّ أكثر صياح أهل النار من التسويف ، فما هلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ القصّة مذكورة مفصّلاً في أمالي الصدوق : ٩٧ / ح ٧٦.